البحر المحيط، ج ٤، ص : ٤٧
وقال الليث : يقال للسيف وحده سلاح، وللعصا وحدها سلاح. وقال ابن دريد :
يقال : السلاح، والسلح، والمسلح، والمسلحان، يعني : على وزن الحمار، والضلع، والنعر، والسلطان. ويقال : رجل سالح إذا كان معه السلاح. وقال أبو عبيدة : السلاح ما قوتل به.
وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ
روى مجاهد عن ابن عباس قال : كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد، وقال المشركون : لقد أصبنا غرة لو حملنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت آية القصر فيما بين الظهر والعصر، الضرب في الأرض
. والظاهر جواز القصر في مطلق السفر، وبه قال أهل الظاهر.
واختلفت فقهاء الأمصار في حدّ المسافة التي تقصر فيها الصلاة، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق : تقصر في أربعة برد، وذلك ثمانية وأربعون ميلا. وقال أبو حنيفة والثوري : مسيرة ثلاث. وقال أبو حنيفة : ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام. وقال الأوزاعي : مسيرة يوم تام، وحكاه عن عامة العلماء. وقال الحسن والزهري :
مسيرة يومين. وروي عن مالك : يوم وليلة. وقصر أنس في خمسة عشر ميلا. والظاهر أنه لا يعتبر نوع سفر، بل يكفي مطلق السفر، سواء كان في طاعة أو مباح أو معصية، وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة. وروي عن ابن مسعود : أنه لا يقصر إلا في حج أو جهاد. وقال عطاء : لا تقصر الصلاة إلا في سفر طاعة، وروي عنه : أنها تقصر في السفر المباح.
وأجمعوا على القصر في سفر الحج والعمرة والجهاد وما ضارعها من صلة رحم، وإحياء نفس. والجمهور على أنه لا يجوز في سفر المعصية كالباغي، وقاطع الطريق، وما في معناهما. والظاهر أنه لا يقصر إلا حتى يتصف بالسفر بالفعل، ولا اعتبار بمسافة معينة، ولا زمان. وروي عن الحرث بن أبي ربيعة : أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله، والأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب ابن مسعود، وبه قال عطاء وسليمان بن موسى.
والجمهور على أنه لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية. وروي عن مجاهد أنه قال :
لا يقصر المسافر يومه الأول حتى الليل. والظاهر من قوله : فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أن القصر مباح. وقال مالك في المبسوط : سنة. وقال حماد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، ومحمد بن سحنون، وإسماعيل القاضي : فرض، وروي عن عمر بن عبد العزيز. والظاهر أن قوله : أن تقصروا، مطلق في القصر، ويحتاج إلى مقدار ما ينقص منها. فذهبت جماعة