البحر المحيط، ج ٦، ص : ١٦٧
وقيل : أراد القوة في المال، وقيل : في النكاح. قيل : وحبس عنهم المطر ثلاث سنين، وعقمت أرحام نسائهم.
وقد انتزع الحسن بن علي رضي اللّه عنه من هذا ومن قوله :
ويمددكم بأموال وبنين، أن كثرة الاستغفار قد يجعله اللّه سببا لكثرة الولد.
وأجاب من سأله وأخبره أنه ذو مال ولا يولد له بالاستغفار، فأكثر من ذلك فولد له عشر بنين. وروى أبو صالح عن ابن عباس في قوله : ويزدكم قوة إلى قوتكم، أنه الولد وولد الولد. وقال مجاهد وابن زيد : في الجسم والبأس، وقال الضحاك : خصبا إلى خصبكم، وقيل : نعمة إلى نعمته الأولى عليكم، وقيل : قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم.
قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ : ببينة أو بحجة واضحة تدل على صدقك، وقد كذبوا في ذلك وبهتوه كما كذبت قريش في قولهم : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ «١» وقد جاءهم بآيات كثيرة، أو لعمائهم عن الحق وعدم نظرهم في الآيات اعتقدوا ما هو آية ليس بآية فقالوا : ما جئتنا ببينة تلجئنا إلى الإيمان، وإلا فهود وغيره من الأنبياء لهم معجزات وإن لم يعين لنا بعضها. ألا ترى إلى
قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر»
وعن في عن قولك حال من الضمير في تاركي آلهتنا، كأنه قيل : صادرين عن قولك، قاله الزمخشري. وقيل : عن للتعليل كقوله تعالى : إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ «٢» فتتعلق بتاركي، كأنه قيل لقولك، وقد أشار إلى التعليل والسبب فيها ابن عطية، فقال : أي لا يكون قولك سببا لتركنا، إذ هو مجرد عن آية، والجملة بعدها تأكيد وتقنيط له من دخولهم في دينه، ثم نسبوا ما صدر منه من دعائهم إلى اللّه وإفراده بالألوهية إلى الخبل والجنون، وأن ذلك مما اعتراه به بعض آلهتهم لكونه سبها وحرض على تركها ودعا إلى ترك عبادتها، فجعلته يتكلم مكافأة بما يتكلم به المجانين، كما قالت قريش : معلم مجنون أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ «٣» واعتراك جملة محكية

(١) سورة يونس : ١٠/ ٢٠.
(٢) سورة التوبة : ٩/ ١١٤.
(٣) سورة المؤمنون : ٢٣/ ٧٠.


الصفحة التالية
Icon