البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٤١
سَواءً لِلسَّائِلِينَ «١» أي سواء لمن سأل ولمن لم يسأل. وحسن الحذف لدلالة قوة الكلام عليه لقوله : سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ «٢» أي والبرد. وقال ابن عطية : وقوله للسائلين، يقتضي تحضيضا للناس على تعلم هذه الأنباء لأنه إنما المراد آيات للناس، فوصفهم بالسؤال، إذ كل أحد ينبغي أن يسأل عن مثل هذه القصص، إذ هي مقر العبر والاتعاظ. وتقدم لنا ذكر أسماء إخوة يوسف منقولة من خط الحسين بن أحمد بن القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني، ونقلها من خط الشريف النقيب النسابة أبى البركات محمد بن أسعد الحسيني الجوّاني محرّرة بالنقط، وتوجد في كتب التفسير محرفة مختلفة، وكان روبيل أكبرهم، وهو ويهوذا، وشمعون، ولاوي، وزبولون، ويساخا، شقائق أمهم ليا بنت ليان بن ناهر بن آزر وهي : بنت خال يعقوب، وذان ونفتالي، وكاذ وياشير، أربعة من سريتين كانتا لليا وأختها راحيل، فوهبتاهما ليعقوب، فجمع بينهما ولم يحل الجمع بين الأختين لأحد بعده.
وأسماء السريتين فيما قيل : ليا، وتلتا، وتوقيت أم السبعة فتزوج بعدها يعقوب أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين، وماتت من نفاسه.
وقرأ مجاهد، وشبل وأهل مكة، وابن كثير : آية على الإفراد. والجمهور آيات، وفي مصحف أبي عبرة للسائلين مكان آية. والضمير في قالوا عائد على إخوة يوسف وأخوه هو بنيامين، ولما كانا شقيقين أضافوه إلى يوسف. واللام في ليوسف لام الابتداء، وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة أي : كثرة حبه لهما ثابت لا شبهة فيه. وأحب أفعل تفضيل، وهي مبني من المفعول شذوذا، ولذلك عدى بإلى، لأنه إذا كان ما تعلق به فاعلا من حيث المعنى عدى إليه بإلى، وإذا كان مفعولا عدى إليه بفي، تقول : زيد أحب إلى عمرو من خالد، فالضمير في أحب مفعول من حيث المعنى، وعمرو هو المحب. وإذا قلت : زيد أحب إلى عمرو من خالد، كان الضمير فاعلا، وعمرو هو المحبوب. ومن خالد في المثال الأول محبوب، وفي الثاني فاعل، ولم يبن أحب لتعدّيه بمن. وكان بنيامين أصغر من يوسف، فكان يعقوب يحبهما بسبب صغرهما وموت أمهما، وحب الصغير والشفقة عليه مركوز في فطرة البشر. وقيل لابنة الحسن : أي بنيك أحب إليك؟ قالت : الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يفيق. وقد نظم الشعراء في محبة الولد الصغير

(١) سورة فصلت : ٤١/ ١٠.
(٢) سورة النحل : ١٦/ ٨١.


الصفحة التالية
Icon