البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٥٣
مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ : شرى بمعنى باع، وبمعنى اشترى قال يزيد بن مفرع الحميري :
وشريت بردا ليتني من بعد برد كنت هامه
أي بعت بردا، وبرد غلامه. وقال الآخر :
ولو أن هذا الموت يقبل فدية شريت أبا زيد بما ملكت يدي
أي اشتريت أبا زيد. والظاهر أن الضمير في وشروه عائد على السيارة، أي : وباعوا يوسف. ومن قال : إن الضمير في وأسروه عائد على إخوة يوسف جعله عائدا عليهم أي :
باعوا أخاهم يوسف بثمن بخس. وبخس مصدر وصف به بمعنى مبخوس. وقال مقاتل :
زيف ناقص العيار. وقال عكرمة، والشعبي : قليل. وهو معنى الزمخشري : ناقص عن القيمة نقصا ظاهرا. وقال ابن قتيبة : البخس الخسيس الذي بخس به البائع. وقال قتادة :
بخس ظلم، لأنهم ظلموه في بيعه. وقال ابن عباس وقتادة أيضا في آخرين : بخس حرام.
وقال ابن عطاء : إنما جعله بخسا لأنه عوض نفس شريفة لا تقابل بعوض وإن جل انتهى.
وذلك أن الذين باعوه إن كانوا الواردة فإنهم لم يعطوا به ثمنا، فما أخذوا فيه ربح كله وإن كانوا إخوته، فالمقصود خلو وجه أبيهم منه لا ثمنه. ودراهم بدل من ثمن، فلم يبيعوه بدنانير. ومعدودة إشارة إلى القلة، وكانت عادتهم أنهم لا يزنون إلا ما بلغ أوقية وهي أربعون درهما، لأنّ الكثيرة يعسر فيها العد، بخلاف القليلة. قال عكرمة في رواية عن ابن عباس وابن إسحاق : أربعون درهما. وقيل : ثلاثون درهما، ونعلان وحلة. وقال السدي :
كانت اثنين وعشرين درهما، كذا نقله الزمخشري عنه، ونقله ابن عطية عن مجاهد : أخذها إخوته درهمين درهمين، وصاحب التحرير عنه، وعن ابن عباس. وقال ابن مسعود وابن عباس في رواية، وعكرمة في رواية، ونوف الشامي، ووهب، والشعبي، وعطية، والسدي، ومقاتل في آخرين : عشرون درهما. وعن ابن عباس أيضا : عشرون، وحلة، ونعلان. وقيل : ثمانية عشر درهما اشتروا بها أخفافا ونعالا. وقيل : عشرة دراهم، والظاهر عود الضمير في فيه إلى يوسف أي : لم يعلموا مكانه من اللّه تعالى قاله : الضحاك، وابن جريج. وقيل : يعود على الثمن، وزهدهم فيه لرداءة الثمن، أو لقصد إبعاد يوسف


الصفحة التالية
Icon