البحر المحيط، ج ٦، ص : ٣٢١
الوقف. والأحسن من هذه الأقوال أن يكون يتقي مجزوما على لغة، وإن كانت قليلة، ولا يرجع إلى قول أبي علي قال : وهذا مما لا يحمل عليه، لأنه إنما يجيء في الشعر لا في الكلام، لأن غيره من رؤساء النحويين قد نقلوا أنه لغة.
والمحسنين : عام يندرج فيه من تقدم، أو وضع موضع الضمير لاشتماله على المتقين والصابرين كأنه قيل : لا يضيع أجرهم. وآثرك : فضلك بالملك، أو بالصبر، والعلم قالهما ابن عباس، أو بالحلم والصفح ذكره أبو سليمان الدمشقي، أو بحسن الخلق والخلق، والعلم، والحلم، والإحسان، والملك، والسلطان، وبصبرك على أذانا قاله :
صاحب الغنيان. أو بالتقوى، والصبر وسيرة المحسنين قاله : الزمخشري، وهو مناسب لقوله : إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ «١» الآية وخطابهم إياه بذلك استنزال لإحسانه، واعتراف بما صدر منهم في حقه. وخاطئين : من خطىء إذا تعمد. وأما أخطأ فقصد الصواب ولم يوفق له. ولا تثريب : لا لوم ولا عقوبة. وتثريب اسم لا، وعليكم الخبر، واليوم منصوب بالعامل في الخبر أي : لا تثريب مستقر عليكم اليوم. وقال الزمخشري :(فإن قلت) : بم تعلق اليوم؟
(قلت) : بالتثريب، أو بالمقدر في عليكم من معنى الاستقرار، أو بيغفر. والمعنى :
لا أثربكم اليوم، وهذا اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام! ثم ابتدأ فقال : يغفر اللّه لكم، فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم. يقال : غفر اللّه لك، ويغفر اللّه لك على لفظ الماضي والمضارع جميعا، ومنه قول المشمت : يهديكم اللّه ويصلح بالكم. أو اليوم يغفر اللّه لكم بشارة بعاجل الغفران، لما تجدد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم انتهى. أما قوله : إن اليوم يتعلق بالتثريب، فهذا لا يجوز، لأنّ التثريب مصدر، وقد فصل بينه وبين معموله بقوله : وعليكم إما أن يكون خبرا، أو صفة لتثريب، ولا يجوز الفصل بينهما، لأنّ معمول المصدر من تمامه. وأيضا لو كان اليوم متعلقا بتثريب لم يجز بناؤه، وكان يكون من قبيل المشبه بالمضاف، وهو الذي يسمى المطول، ويسمى الممطول، فكان يكون معربا منونا. وأما تقديره الثاني فتقدير حسن، ولذلك وقف على قوله اليوم أكثر القراء. وابتدأوا بيغفر اللّه لكم على جهة الدعاء، وهو تأويل ابن إسحاق والطبري. وأما تقديره الثالث وهو أن يكون اليوم متعلقا بيغفر فمقول، وقد وقف بعض القراء على عليكم، وابتدأ اليوم يغفر اللّه لكم. قال ابن عطية : والوقف على اليوم أرجح في المعنى، لأنّ الآخر فيه حكم على مغفرة اللّه، اللهم إلا أن يكون ذلك بوحي. وأما قوله :