البحر المحيط، ج ٦، ص : ٣٦
النحاس، وتبعه الزمخشري، أن يكون على أنفسكم متعلقا بقوله : بغيكم، كما تعلق في قوله : فبغى عليهم، ويكون الخبر متاع إذا رفعته. ومعنى على أنفسكم : على أمثالكم.
والذين جنسكم جنسهم يعني بغى بعضكم على بعض منفعة الحياة الدنيا. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا : متاعا الحياة الدنيا بنصب متاع وتنوينه، ونصب الحياة. وقال سفيان بن عيينة : في هذه الجملة تعجل لكم عقوبته في الحياة الدنيا. وقرأ فرقة : فينبئكم بالياء على الغيبة، والمراد اللّه تعالى.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٤ إلى ٢٥]
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤) وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما قال : يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا «١» ضرب مثلا عجيبا غريبا للحياة الدنيا تذكر من يبغي فيها على سرعة زوالها وانقضائها، وأنها بحال ما تعز وتسر، تضمحل ويؤول أمرها إلى الفناء.
وقال الزمخشري : هذا من التشبيه المركب، شبهت حال الدنيا في سرعة تقضيها وانقراض نعيمها بعد الإقبال بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطاما بعد ما التف وتكاثف وزين الأرض بخضرته ورفيفه انتهى. وإنما هنا ليست للحصر لا وضعا ولا استعمالا، لأنه تعالى ضرب للحياة الدنيا أمثالا غير هذا، والمثل هنا يحتمل أن يراد به الصفة، وأن يراد به القول السائر المشبه به حال الثاني بالأول. والظاهر تشبيه صفة الحياة الدنيا بماء فيما يكون به،