البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٤٧
هذا الطفل سيعقب هنالك، ويكون له نسل. وأفئدة : جمع فؤاد وهي القلوب، سمي القلب فؤاد لإنفاده مأخوذ من فأد، ومنه المفتأد، وهو مستوقد النار حيث يشوى اللحم. وقال مؤرج الافئدة : القطع من الناس بلغة قريش، وإليه ذهب ابن بحر. قال مجاهد : لو قال ابراهيم عليه السلام : أفئدة الناس، لازدحمت على البيت فارس والروم. وقال ابن جبير : لحجته اليهود والنصارى. والظاهر أنّ من للتبعيض، إذ التقدير : أفئدة من الناس. قال الزمخشري : ويجوز أن تكون من للابتداء كقولك : القلب مني سقيم يريد قلبي، فكأنه قيل : أفئدة ناس، وإنما نكر المضاف إليه في هذا التمثيل لتنكير أفئدة، لأنها في الآية نكرة لتتناول بعض الأفئدة انتهى. ولا يظهر كونها لابتداء الغاية، لأنها ليس لنا فعل يبتدأ فيه لغاية ينتهي إليها، إذ لا يصح ابتداء جعل الأفئدة من الناس، وإنما الظاهر في من التبعيض. وقرأ هشام : أفئدة بياء بعد الهمزة، نص عليه الحلواني عنه وخرج ذلك على الإشباع، ولما كان الإشباع لا يكون إلا في ضرورة الشعر حمل بعض العلماء هذه القراءة على أنّ هشاما قرأ بتسهيل الهمزة كالياء، فعبر الراوي عنها بالياء، فظن من أخطأ فهمه أنها بياء بعد الهمزة، والمراد بياء عوضا من الهمزة، قال : فيكون هذا التحريف من جنس التحريف المنسوب إلى من روى عن أبي عمرو : بارئكم ويأمركم، ونحوه بإسكان حركة لإعراب، وإنما كان ذلك اختلاسا. قال أبو عمرو والداني الحافظ : ما ذكره صاحب هذا القول لا يعتمد عليه، لأنّ النقلة عن هشام وأبي عمرو كانوا من أعلم الناس بالقراءة ووجوهها، وليس يفضي بهم الجهل إلى أن يعتقد فيهم مثل هذا وقرىء آفدة : على وزن فاعلة، فاحتمل أن يكون اسم فاعل للحذف من أفد أي دنا وقرب وعجل أي : جماعة آفدة، أو جماعات آفدة، وأن يكون جمع ذلك فؤاد، ويكون من باب القلب، وصار بالقلب أأفدة، فأبدلت الهمزة الساكنة ألفا كما قالوا. في ارآم أأرام، فوزنه أعفلة.
وقرىء أفدة على وزن فعله، فاحتمل أن يكون جمع فؤاد وذلك بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها وهو الفاء، وإن كان تسهيلها بين بين هو الوجه، وأن يكون اسم فاعل من أفد كما تقول : فرح فهو فرح. وقرأت أم الهيثم : أفودة بالواو المكسورة بدل الهمزة. قال صاحب اللوامح : وهو جمع وفد، والقراءة حسنة : لكني لا أعرف هذه المرأة، بل ذكرها أبو حاتم انتهى. أبدل الهمزة في فؤاد بعد الضمة كما أبدلت في جون، ثم جمع فأقرها في الجمع إقرارها في المفرد. أو هو جمع وفد كما قال صاحب اللوامح، وقلب إذ الأصل أوفده. وجمع فعل على أفعلة شاذ نحو : نجد وأنجدة، ووهى وأوهية. وأم الهيثم امرأة نقل عنها شيء من لغات العرب. وقرأ زيد بن