البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٧٦
وتقدم شيء من هذه القصة في أوائل البقرة عقب ذكر الإماتة والإحياء والرجوع إليه تعالى.
وفي الأعراف بعد ذكر يوم القيامة، وذكر الموازين فيه. وفي الكهف بعد ذكر الحشر، وكذا في سورة ص بعد ذكر ما أعد من الجنة والنار لخلقه. فحيث ذكر منتهى هذا الخلق ذكر مبدأهم وقصته مع عدوه إبليس ليحذرهم من كيده، ولينظروا ما جرى له معه حتى أخرجه من الجنة مقر السعادة والراحة، إلى الأرض مقر التكليف والتعب، فيتحرزوا من كيده، ومن حمإ قال الحوفي بدل من صلصال، بإعادة الجار. وقال أبو البقاء : من حمإ في موضع جر صفة لصلصال. وقال ابن عباس : المسنون الطين ومعناه المصبوب، لأنه لا يكون مصبوبا إلا وهو رطب، فكنى عن المصبوب بوصفه، لأنه موضوع له. وقال مجاهد وقتادة ومعمر :
المنتن. قال الزمخشري : من سننت الحجر على الحجر إذا حككته به، فالذي يسيل بينهما سنين ولا يكون إلا منتنا. وقال غيره : من أسن الماء إذا تغير، ولا يصح لاختلاف المادتين.
وقيل : مصبوب من سننت التراب والماء إذا صببته شيئا بعد شيء، فكان المعنى : أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذوبة في أمثلتها. قال الزمخشري : وحق مسنون بمعنى مصور أن يكون صفة لصلصال، كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف، فيبس حتى إذا نقر صلصل ثم غيره بعد. ذلك إلى جوهر آخر انتهى. وقيل :
المسنون المصور من سنة الوجه، وهي صورته. قال الشاعر :
تريك سنة وجه غير مقرفة وقيل : المسنون المنسوب أي : ينسب إليه ذريته.
والجان : هو أبو الجن، قاله ابن عباس. قال الزمخشري : والجان للجن كآدم للناس. وقال الحسن وقتادة : هو إبليس، خلق قبل آدم. وقال ابن بحر : هو اسم لجنس الجن، والإنسان المراد به آدم، ومن قبل أي : من قبل خلق الإنسان. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد : والجأن بالهمز. والسموم قال ابن عباس : الريح الحارة التي تقتل. وعنه :
نار لا دخان لها، منها تكون الصواعق. وقال الحسن : نار دونها حجاب. وعن ابن عباس :
نفس النار، وعنه : لهب النار. وقيل : نار اللهب السموم. وقيل : أضاف الموصوف إلى صفته أي : النار السموم. وسويته أكملت خلقه، والتسوية عبارة عن الإتقان، وجعل أجزائه مستوية فيما خلقت. ونفخت فيه من روحي أي : خلقت الحياة فيه، ولا نفخ هناك، ولا منفوخ حقيقة، وإنما هو تمثيل لتحصيل ما يحيي به فيه. وأضاف الروح إليه تعالى على