البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٨٥
الإيجال. وقرىء : لا تأجل بإبدال الواو ألفا كما قالوا : تابة في توبة. وقرىء : لا تواجل من واجله بمعنى أوجله. إنا نبشرك استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل، أي : إنك بمثابة الآمن المبشر فلا توجل. والمبشر به هو إسحاق، وذلك بعد أن ولد له إسماعيل وشب بشروه بأمرين : أحدهما : أنه ذكر. والثاني : وصفه بالعلم على سبيل المبالغة.
فقيل : النبوة كقوله تعالى : وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا «١» وقيل : عليم بالدين.
وقرأ الأعرج : بشرتموني بغير همزة الاستفهام، وعلى أنّ مسني الكبر في موضع الحال. وقرأ ابن محيصن : الكبر بضم الكاف وسكون الباء، واستنكر إبراهيم عليه السلام أن يولد له مع الكبر. وفبم تبشرون، تأكيد استبعاد وتعجب، وكأنه لم يعلم أنهم ملائكة رسل اللّه إليه، فلذلك استفهم، واستنكر أن يولد له. ولو علم أنهم رسل اللّه ما تعجب ولا استنكر، ولا سيما وقد رأى من آيات اللّه عيانا كيف أحيا الموتى. قال الزمخشري : كأنه قال : فبأيّ أعجوبة تبشروني، أو أراد أنكم تبشرونني بما هو غير متصور في العادة، فبأي شيء تبشرون؟ يعني : لا تبشروني في الحقيقة بشيء، لأنّ البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء. ويجوز أن لا تكون صلة لبشر، ويكون سؤالا على الوجه والطريقة يعني : بأي طريقة تبشرونني بالولد، والبشارة به لا طريقة لها في العادة انتهى. وكأنه قال : أعلى وصفي بالكبر، أم على أني أرد إلى الشباب؟ وقيل : لما استطاب البشارة أعاد السؤال، ويضعف هذا قولهم له : بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين. وقرأ الحسن : تبشروني بنون مشددة وياء المتكلم، أدغم نون الرفع في نون الوقاية. وابن كثير : بشدها مكسورة دون ياء. ونافع يكسرها مخففة، وغلّطه أبو حاتم وقال : هذا يكون في الشعر اضطرارا، وخرجت على أنه حذف نون الوقاية وكسر نون الرفع للياء، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها. وقالوا هو مثل قوله :
يسوء القاليات إذا قليني وقول الآخر :
لا أباك تخوفيني وقرأ باقي السبعة : بفتح وهي علامة الرفع. قال الحسن : فبم تبشرون على وجه الاحتقار وقلة المبالاة بالمبشرات لمضي العمر واستيلاء الكبر. وقال مجاهد : عجب من