البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٠٤
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً «١» وقال ابن عباس : الروح الوحي تنزل به الملائكة على الأنبياء، ونظيره : يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ «٢» وقال الربيع بن أنس : هو القرآن، ومنه وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا «٣» وقال مجاهد : المراد بالروح أرواح الخلق، لا ينزل ملك إلا ومعه روح. وقال الحسن وقتادة : الروح الرحمة. وقال الزجاج : ما معناه الروح الهداية لأنها تحيا بها القلوب، كما تحيا الأبدان بالأرواح. وقيل : الروح جبريل، ويدل عليه : نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «٤» وتكون الباء للحال أي : ملتبسة بالروح. وقيل :
بمعنى مع، وقيل : الروح حفظة على الملائكة لا تراهم الملائكة، كما الملائكة حفظة علينا لا تراهم. وقال مجاهد أيضا : الروح اسم ملك، ومنه : يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا «٥» وعن ابن عباس : أنّ الروح خلق من خلق اللّه كصور ابن آدم، لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم، وقال نحوه ابن جريج. قال ابن عطية : وهذا قول ضعيف لم يأت به سند.
وقال الزمخشري : بالروح من أمره، بما تحيا به القلوب الميتة بالجهل، من وحيه أو بما يقوم في الدين مقام الروح في الجسد انتهى. ومن للتبعيض، أو لبيان الجنس. ومن يشاء : هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأن مصدرية، وهي التي من شأنها أن تنصب المضارع، وصلت بالأمر كما وصلت في قولهم : كتبت إليه بأن قم، وهو بدل من الروح.
أو على إسقاط الخافض : بأن أنذروا، فيجري الخلاف فيه : أهو في موضع نصب؟ أو في موضع خفض؟ وقال الزمخشري : وأن أنذروا بدلا من الروح أي : ننزلهم بأن أنذروا، وتقديره : أنذروا أي : بأن الشأن أقول لكم أنذروا أنه لا إله إلا أنا انتهى. فجعلها المخفف من الثقيلة، وأضمر اسمها وهو ضمير الشأن، وقدر إضمار القول : حتى يكون الخبر جملة خبرية وهي أقول، ولا حاجة إلى هذا التكلف مع سهولة كونها الشانية التي من شأنها نصب المضارع. وجوّز ابن عطية، وأبو البقاء، وصاحب الغنيان : أن تكون مفسرة فلا موضع لها من الإعراب، وذلك لما في التنزل بالوحي من معنى القول أي : أعلموا الناس من نذرت بكذا إذا أعلمته. قال الزمخشري : والمعنى يقول لهم : أعلموا الناس قولي لا إله إلا أنا فاتقون انتهى. لما جعل أن هي التي حذف منها ضمير الشأن قدر هذا
(٢) سورة غافر : ٤٠/ ١٥.
(٣) سورة الشورى : ٤٢/ ٥٢.
(٤) سورة الشعراء : ٢٦/ ١٩٣.
(٥) سورة النبأ : ٧٨/ ٣٨.