البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٥٥
في كل عام نعم تحوونه يلقحه قوم وينتجونه
وإذا أنّث ففيه وجهان : أنه تكسير نعم، وأنه في معنى الجمع انتهى. وأما ما ذكره عن سيبويه ففي كتابه في هذا في باب ما كان على مثال مفاعل ومفاعيل ما نصه : وأما أجمال وفلوس فإنها تنصرف وما أشبهها، لأنها ضارعت الواحد. ألا ترى أنك تقول : أقوال وأقاويل، وإعراب وأعاريب، وأيد وأياد، فهذه الأحرف تخرج إلى مثال مفاعل ومفاعيل كما يخرج إليه الواحد إذا كسر للجمع، وأما مفاعل ومفاعيل فلا يكسر، فيخرج الجمع إلى بناء غير هذا، لأن هذا البناء هو الغاية، فلما ضارعت الواحد صرفت. ثم قال : وكذلك الفعول لو كسرت مثل الفلوس لأن تجمع جمعا لأخرجته إلى فعائل، كما تقول : جدود وجدائد، وركوب وركائب، ولو فعلت ذلك بمفاعل ومفاعيل لم يجاوز هذا البناء. ويقوي ذلك أنّ بعض العرب يقول : أتى للواحد فيضم الألف، وأما أفعال فقد تقع للواحد من العرب من يقول هو الأنعام قال جل ثناؤه وعز : نسقيكم مما في بطونه.
وقال أبو الخطاب : سمعت العرب يقولون : هذا ثواب أكياش انتهى. والذي ذكره سيبويه هو الفرق بين مفاعل ومفاعيل، وبين أفعال وفعول، وإن كان الجميع أبنية للجمع من حيث أنّ مفاعل ومفاعيل لا يجمعان، وأفعال وفعول قد يخرجان إلى بناء شبه مفاعل أو مفاعيل لشبه ذينك بالمفرد، من حيث أنه يمكن جمعهما وامتناع هذين من الجمع، ثم قوى شبههما بالمفرد بأنّ بعض العرب قال في أتى : أتى بضم الهمزة يعني أنه قد جاء نادرا فعول من غير المصدر للمفرد، وبأن بعض العرب قد يوقع أفعالا للواحدة من حيث أفرد الضمير فتقول : هو الإنعام، وإنما يعني أن ذلك على سبيل المجاز، لأنّ الإنعام في معنى النعم كما قال الشاعر :
تركنا الخيل والنعم المفدى وقلنا للنساء بها أقيمي
ولذلك قال سيبويه : وأما أفعال فقد تقع للواحد دليل على أنه ليس ذلك بالوضع. فقول الزمخشري : إنه ذكره في الأسماء المفردة على أفعال تحريف في اللفظ، وفهم عن سيبويه ما لم يرده، ويدل على ما قلناه أنّ سيبويه حين ذكر أبنية الأسماء المفردة نص على أنّ أفعالا ليس من أبنيتها. قال سيبويه في باب ما لحقته الزوائد من بنات الثلاثة وليس في الكلام :
أفعيل، ولا أفعول، ولا أفعال، ولا أفعيل، ولا أفعال إلا أن تكسر عليه اسما للجميع انتهى. فهذا نص منه على أنّ أفعالا لا يكون في الأبنية المفردة. ونسقيكم مما في بطونه


الصفحة التالية
Icon