البحر المحيط، ج ٦، ص : ٦٠٨
وهو ظاهر الافتراء الوارد في آي القرآن. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد أنه كان شرعهم لاتباعهم سننا لا يرضاها اللّه افتراء عليه، لأنّ من شرع أمرا فكأنه قال لتابعه : هذا هو الحق، وهذا مراد اللّه. ثم أخبر تعالى عن الذين يفترون على اللّه الكذب بانتفاء الفلاح.
والفلاح : الظفر بما يؤمل، فتارة يكون في البقاء كما قال الشاعر :
والمسى والصبح لا فلاح معه وتارة في نجح المساعي كما قال عبيد بن الأبرص :
أفلح بما شئت فقد يب لغ بالضعف وقد يخدع الأريب
وارتفاع متاع على أنه خبر مبتدأ محذوف، فقدر الزمخشري منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم. وقال ابن عطية : عيشهم في الدنيا. وقال العسكري :
يجوز أن يكون المتاع هنا ما حللوه لأنفسهم مما حرمه اللّه تعالى. وقال أبو البقاء : بقاؤهم متاع قليل. وقال الحوفي : متاع قليل ابتداء وخبر انتهى. ولا يصح إلا بتقدير الإضافة أي :
متاعهم قليل. ولما بيّن تعالى ما يحل وما يحرم لأهل الإسلام، أتبعه بما كان خص به اليهود محالا على ما تقدم ذكره في سورة الأنعام، وهذا يدل على أنّ سورة الأنعام نزلت قبل هذه السورة، إذ لا تصح الحوالة إلا بذلك. ويتعلق من قبل بقصصنا، وهو الظاهر. وقيل :
بحرمنا، والمحذوف الذي في من قبل تقديره من قبل تحريمنا على أهل ملتك. والسوء هنا قال ابن عباس : الشرك قبل المعرفة باللّه انتهى. ما يسوء صاحبه من كفر ومعصية غيره.
والكلام في للذين عملوا وما يتعلق به تقدم نظيره في قوله : ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا «١» فأغنى عن إعادته. وقال قوم : بجهالة تعمد. وقال ابن عطية : ليست هنا ضد العلم، بل تعدى الطور وركوب الرأس منه : أو أجهل أو يجهل عليّ. وقول الشاعر :
ألا لا يجهلنّ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
والتي هي ضد العلم، تصحب هذه كثيرا، ولكن يخرج منها المتعمد وهو الأكثر. وقلّ ما يوجد في العصاة من لم يتقدم له علم بخطر المعصية التي يواقع انتهى. ملخصا. وقال الزمخشري : بجهالة في موضع الحال أي : عملوا السوء جاهلين غير عارفين باللّه وبعقابه، أو غير متدبرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم. وقال سفيان : جهالته أن يلتذ بهواه، ولا يبالي