البحر المحيط، ج ٦، ص : ٧٨
والسائبة والوصيلة والحام. وقال الضحاك : هو إشارة إلى قوله : وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً «١».
وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ : ما استفهامية مبتدأة خبرها ظن، والمعنى : أي شي ظن المفترين يوم القيامة، أبهم الأمر على سبيل التهديد، والإبعاد يوم يكون الجزاء بالإحسان والإساءة. ويوم منصوب بظن، ومعمول الظن قيل : تقديره ما ظنهم أنّ اللّه فاعل بهم، أينجيهم أم يعذبهم. وقرأ عيسى بن عمر : وما ظن جعله فعلا ماضيا أي أي ظن الذين يفترون، فما في موضع نصب على المصدر، وما الاستفهامية قد تنوب عن المصدر تقول :
ما تضرب زيدا تريد أي : ضرب تضرب زيدا.
وقال الشاعر :
ماذا يغير ابنتي ريع عويلهما لا يرقدان ولا بؤسي لمن رقدا
وجيء بلفظ ظنّ ماضيا لأنه كائن لا محالة فكأن قد كان، والأولى أن يكون ظن في معنى يظن، لكونه عاملا في يوم القيامة. وهو ظرف مستقبل، وفضله تعالى على الناس حيث أنعم عليهم ورحمهم، فأرسل إليهم الرسل، وفصل لهم الحلال والحرام، وأكثرهم لا يشكر هذه النعمة.
وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ : مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر جملة من أحوال الكفار ومذاهبهم والرد عليهم، ومحاورة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم لهم، وذكر فضله تعالى على الناس وأن أكثرهم لا يشكره على فضله، ذكر تعالى اطلاعه على أحوالهم وحال الرسول معهم في مجاهدته لهم، وتلاوة القرآن عليهم، وأنه تعالى عالم بجميع أعمالهم، واستطرد من ذلك إلى ذكر أولياء اللّه تعالى، ليظهر التفاوت بين الفريقين فريق الشيطان وفريق الرحمن. والخطاب في قوله تعالى : وما تكون في شأن، وما تتلوا للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وهو عام بجميع شؤونه عليه السلام. وما تتلوا مندرج تحت عموم شأن، واندرج من حيث المعنى في الخطاب كل ذي شأن. وما في الجملتين نافية، والضمير في منه عائد على