البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٠٠
وهذا الخلاف مترتب على الخلاف في فتح مكة أكان عنوة أو صلحا؟ وهي مسألة يبحث عنها في الفقه.
والإلحاد الميل عن القصد. ومفعول بَرَدٍ قال أبو عبيدة هو بِإِلْحادٍ والباء زائدة في المفعول. قال الأعشى :
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا أي رزق وكذا قراءة الحسن منصوبا قرأ وَمَنْ يُرِدْ إلحاده بظلم أي إلحادا فيه فتوسع.
وقال ابن عطية : يجوز أن يكون التقدير وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ الناس بِإِلْحادٍ. وقال الزمخشري : بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ حالان مترادفتان ومفعول يُرِدْ متروك ليتناول كل متناول، كأنه قال وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ مراد إمّا عادلا عن القصد ظالما نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ وقيل :
الإلحاد في الحرم منع الناس عن عمارته. وعن سعيد بن جبير : الاحتكار. وعن عطاء :
قول الرجل في المبايعة لا واللّه وبلى واللّه انتهى. والأولى أن تضمن يُرِدْ معنى يتلبس فيتعدى بالباء. وعلق الجزاء وهو نُذِقْهُ على الإرادة، فلو نوى سيئة ولم يعملها لم يحاسب بها إلّا في مكة وهذا قول ابن مسعود وجماعة. وقال ابن عباس : الإلحاد هنا الشرك. وقال أيضا : هو استحلال الحرام. وقال مجاهد : هو العمل السيّء فيه. وقال ابن عمر : لا واللّه وبلى واللّه من الإلحاد. وقال حبيب بن أبي ثابت : الحكر بمكة من الإلحاد بالظلم، والأولى حمل هذه الأقوال على التمثيل لا على الحصر إذ الكلام يدل على العموم.
وقرأت فرقة ومن يرد بفتح الياء من الورود وحكاها الكسائي والفراء، ومعناه ومن أتى به بِإِلْحادٍ ظالما.
ولما ذكر تعالى حال الكفار وصدهم عن المسجد الحرام وتوعد فيه من أراد فيه بإلحاد ذكر حال أبيهم إبراهيم وتوبيخهم على سلوكهم غير طريقه من كفرهم باتخاذ الأصنام وامتنانه عليهم بإنفاد العالم إليهم وَإِذْ بَوَّأْنا أي واذكر إِذْ بَوَّأْنا أي جعلنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ مباءة أي مرجعا يرجع إليه للعمارة والعبادة. قيل : واللام زائدة أي بوّأنا إبراهيم مكان البيت أي جعلنا يبوء إليه كقوله لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً «١» وقال الشاعر :
كم صاحب لي صالح بوّأته بيدي لحدا
وقيل : مفعول بَوَّأْنا محذوف تقديره بوّأنا الناس، واللام في لِإِبْراهِيمَ لام العلة أي