البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٢٧
شرطه وهو تقدم فعل قبل إِلَّا وهو وَما أَرْسَلْنا وعاد الضمير في تَمَنَّى مفردا وذكروا أنه إذا كان العطف بالواو عاد الضمير مطابقا للمتعاطفين، وهذا عطف بالواو وما جاء غير مطابق أولوه على الحذف فيكون تأويل هذا وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه وتَمَنَّى تفعل من المنية.
قال أبو مسلم : التمني نهاية التقدير، ومنه المنية وفاة الإنسان للوقت الذي قدره اللّه، ومنى اللّه لك أي قدر. وقال رواه اللغة : الأمنية القراءة، واحتجوا ببيت حسان وذلك راجع إلى الأصل الذي ذكر فإن التالي مقدر للحروف فذكرها شيئا فشيئا انتهى. وبيت حسان :
تمنى كتاب اللّه أول ليلة وآخره لاقى حمام المقادر
وقال آخر :
تمنى كتاب اللّه أول ليلة تمنى داود الزبور على الرسل
وحمل بعض المفسرين قوله إِذا تَمَنَّى على تلا وفِي أُمْنِيَّتِهِ على تلاوته.
والجملة بعد إِلَّا في موضع الحال أي وما أرسلناه إلّا، وحاله هذه. وقيل : الجملة في موضع الصفة وهو قول الزمخشري في نحو : ما مررت بأحد إلّا زيد خير منه، والصحيح أن الجملة حالية لا صفة لقبولها واو الحال، واللام في لِيَجْعَلَ متعلقة بيحكم قاله الحوفي. وقال ابن عطية : بينسخ. وقال غيرهما : بألقى، والظاهر أنها للتعليل. وقيل : هي لام العاقبة وما
في ما يُلْقِي الظاهر أنها بمعنى الذي، وجوّز أن تكون مصدرية.
والفتنة : الابتلاء والاختبار. والذين في قلوبهم مرض عامة الكفار. وقال الزمخشري : المنافقون والشاكون وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ خواص من الكفار عتاة كأبي جهل والنضر وعتبة. وقال الزمخشري : المشركون المكذبون وَإِنَّ الظَّالِمِينَ يريد وإن هؤلاء المنافقين والمشركين، وأصله وإنهم فوضع الظاهر موضع المضمر، قضاء عليهم بالظلم.
والشقاق المشاقة أي في شق غير شق الصلاح، ووصفه بالبعيد مبالغة في انتهائه وأنهم غير مرجو رجعتهم منه.
والضمير في : أَنَّهُ قال ابن عطية : عائد على القرآن وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد تقدم من قولنا في الآية ما يعود الضمير إليه فَتُخْبِتَ أي تتواضع وتتطامن بخلاف من في قبله مرض وقسا قلبه. وقرأ الجمهور لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا الإضافة، وأبو حيوة وابن أبي عبلة بتنوين الهاد.