البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٢٨
المرية : الشك. والضمير في مِنْهُ قيل : عائد على القرآن. وقيل : على الرسول.
وقيل : ما ألقى الشيطان، ولما ذكر حال الكافرين أولا ثم حال المؤمنين ثانيا عاد إلى شرح حال الكافرين، والظاهر أن السَّاعَةُ يوم القيامة. قيل : واليوم العقيم يوم بدر. وقيل :
ساعة موتهم أو قتلهم في الدنيا كيوم بدر، واليوم العقيم يوم القيامة.
وقال الزمخشري : اليوم العقيم يوم بدر، وإنما وصف يوم الحرب بالعقيم لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كأنهن عقم لم يلدن، أو لأن المقاتلين يقال لهم أبناء الحرب فإذا قتلوا وصف يوم الحرب بالعقم على سبيل المجاز.
وقيل : هو الذي لا خير فيه يقال : ريح عقيم إذا لم تنشئ مطرا ولم تلقح شجرا.
وقيل : لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه. وعن الضحاك : إنه يوم القيامة وإن المراد بالساعة مقدماته ويجوز أن يراد بالساعة ويَوْمٍ عَقِيمٍ يوم القيامة كأنه قيل حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ أو يأتيهم عذابها فوضع يَوْمٍ عَقِيمٍ موضع الضمير انتهى. وقال ابن عطية : وسمي يوم القيامة أو يوم الاستئصال عقيما لأنه لا ليلة بعده ولا يوم، والأيام كلها نتائج يجيء واحد أثر واحد، وكان آخر يوم قد عقم وهذه استعارة، وجملة هذه الآية توعد انتهى. وحَتَّى غاية لاستمرار مريتهم، فالمعنى حتى تأتيهم الساعة أو عذاب يوم عقيم فتزول مريتهم ويشاهدون الأمر عيانا.
والتنوين في يَوْمَئِذٍ تنوين العوض، والجملة المعوض منها هذا التنوين هو الذي حذف بعد الغاية أي الْمُلْكُ يوم تزول مريتهم وقدره الزمخشري أولا يوم يؤمنون وهو لازم لزوال المرية، فإنه إذا زالت المرية آمنوا، وقدر ثانيا كما قدرنا وهو الأولى. والظاهر أن هذا اليوم هو يوم القيامة من حيث أنه لا ملك فيه لأحد من ملوك الدنيا كما قال تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ «١» ويساعد هذا التقسيم بعده، ومن قال إنه يوم بدر ونحوه فمن حيث ينفذ قضاء اللّه وحده ويبطل ما سواه ويمضي حكمه فيمن أراد تعذيبه، ويكون التقسيم إخبارا متركبا على حالهم في ذلك اليوم العقيم من الإيمان والكفر وألفاظ التقسيم ومعانيها واضحة لا تحتاج إلى شرح. وقابل النعيم بالعذاب ووصفه بالمهين مبالغة فيه.
وَالَّذِينَ هاجَرُوا الآية هذا ابتداء معنى آخر، وذلك أنه لما مات عثمان بن مظعون وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس : من قتل من المهاجرين أفضل ممن مات حتف