البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٨٩
ومن يقدر أن يلقي إليه فكره انتهى. وقرأ الحسن والكسائي في رواية الْعادِّينَ بتخفيف الدال أي الظلمة فإنهم يقولون كما تقول. قال ابن خالويه : ولغة أخرى العاديين يعني بياء مشددة جمع عادي يعني للقدماء. وقال الزمخشري : وقرىء العاديين أي القدماء المعمرين فإنهم يستقصرونها فكيف بمن دونهم.
وقرأ الأخوان قل إن لبثتم على الأمر، وباقي السبعة وإِنْ نافية أي ما لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا أي قليل القدر في جنب ما تعذبون فيه إن كان اللبث في الدنيا، وإن كان في القبور فقلت إن كل آت قريب ولكنكم كذبتم به إذ كنتم لا تعلمون أي لم ترغبوا في العلم والهدى وانتصب عَبَثاً على الحال أي عابثين أو على أنه مفعول من أجله، والمعنى في هذا ما خلقناكم للعبث، وإنما خلقناكم للتكليف والعبادة. وقرأ الأخوان لا تُرْجَعُونَ مبنيا للفاعل، وباقي السبعة مبنيا للمفعول، والظاهر عطف وَأَنَّكُمْ على أَنَّما فهو داخل في الحسبان.
وقال الزمخشري : يجوز أن يكون على عَبَثاً أي للعبث ولترككم غير مرجوعين انتهى.
فَتَعالَى اللَّهُ أي تعاظم وتنزه عن الصاحبة والولد والشريك والعبث وجميع النقائص، بل هو الْمَلِكُ الْحَقُّ الثابت هو وصفاته العلي والْكَرِيمِ صفة للعرش لتنزل الخيرات منه أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين. وقرأ أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل عن ابن كثير الْكَرِيمِ بالرفع صفة لرب العرش أو الْعَرْشِ، ويكون معطوفا على معنى المدح.
ومَنْ شرطية والجواب فَإِنَّما ولا بُرْهانَ لَهُ بِهِ صفة لازمة لا للاحتراز من أن يكون ثم آخر يقوم عليه برهان فهي مؤكدة كقوله يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ «١» ويجوز أن تكون جملة اعتراض إذ فيها تشديد وتأكيد فتكون لا موضع لها من الإعراب كقولك : من أساء إليك لا أحق بالإساءة منه، فأسيء إليه. ومن ذهب إلى أن جواب الشرط هو لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ هروبا من دليل الخطاب من أن يكون ثم داع له برهان فلا يصح لأنه يلزم منه حذف الفاء في جواب الشرط، ولا يجوز إلّا في الشعر وقد خرجناه على الصفة اللازمة أو على الاعتراض وكلاهما تخريج صحيح.