البحر المحيط، ج ٧، ص : ٧٧
النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم :«الخلافة بعدي ثلاثون ثم تكون ملكا عضوضا»
والأول أصوب. وقرأ الأعمش :
ويخوفهم بياء الغيبة والجمهور بنون العظمة.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا.
مناسبة هذه الآية لما قبلها من وجهين. أحدهما أنه لما نازعوا الرسول عليه السلام في النبوّة واقترحوا عليه الآيات كان ذلك لكبرهم وحسدهم للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم على ما آتاه اللّه من النبوّة والدرجة الرفيعة، فناسب ذكر قصة آدم عليه السلام وإبليس حيث حمله الكبر والحسد على الامتناع من السجود. والثاني أنه لما قال فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً «١» بين ما سبب هذا الطغيان وهو قول إبليس لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا وانتصب طِيناً على الحال قاله الزجاج وتبعه الحوفي، فقال : من الهاء في خلقته المحذوفة، والعامل خَلَقْتَ والزمخشري فقال طِيناً أما من الموصول والعامل فيه أَأَسْجُدُ على آسجد له وهو طين أي أصله طين، أو من الراجع إليه من الصلة على آسجد لمن كان في وقت خلقه طِيناً انتهى. وهذا تفسير معنى. وقال أبو البقاء : والعامل فيه خَلَقْتَ يعني إذا كان حالا من العائد المحذوف وأجاز الحوفي أن يكون نصبا على حذف من التقدير من طين كما صرح به في قوله وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ «٢» وأجاز الزجّاج أيضا وتبعه ابن عطية أن يكون تمييزا ولا يظهر كونه تمييزا وقوله أَأَسْجُدُ استفهام إنكار وتعجب. وبين قوله أَأَسْجُدُ وما قبله كلام محذوف، وكأن تقديره قال : لم لم تسجد لأدم قال : أَأَسْجُدُ وبين قوله أَرَأَيْتَكَ وقال آسجد جمل قد ذكرت حيث طولت قصته، والكاف في أَرَأَيْتَكَ للخطاب وتقدّم الكلام عليها في سورة الأنعام ولا يلحق كاف الخطاب هذه إلّا إذا كانت بمعنى أخبرني، وبهذا المعنى قدرها الحوفي وتبعة الزمخشري وهو قول سيبويه فيها والزجّاج.
قال الحوفي : وأَ رَأَيْتَكَ بمعنى عرفني وأخبرني، وهذا منصوب بأرأيتك، والمعنى
(٢) سورة الأعراف : ٧/ ١٢.