البحر المحيط، ج ٨، ص : ١٣٩
وقال الجوهري : الشرذمة : الطائفة من الناس، والقطعة من الشيء، وثوب شراذم : أي قطع. انتهى. وقيل : السفلة من الناس. كبكبه : قلب بعضه على بعض، وحروفه كلها أصول عند جمهور البصريين. وقال الزمخشري : الكبكبة : تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى. وقال ابن عطية : كبكب مضاعف من كب، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح، لأن معناهما واحد، والتضعيف في الفعل نحو : صر وصرصر. انتهى. وقول الزمخشري وابن عطية هو قول الزجاج، وهو أنه يزعم أن نحو كبكبة مما يفهم المعنى بسقوط ثالثه، هو مما ضوعف فيه الباء. وذهب الكوفيون إلى أن الثالث بدل من مثل الثاني، فكان أصله كبب، فأبدل من الباء الثانية كاف، الحميم : الولي القريب، وحامة الرجل : خاصته. وقال الزمخشري : الحميم من الاحتمام، وهو الاهتمام، وهو الذي يهمه ما أهمك أو من الحامة بمعنى الخاصة، وهو الصديق الخالص.
طسم، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ، لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ، فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ، أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ، قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ، قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ، فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ.
هذه السورة كلها مكية في قول الجمهور إلا أربع آيات من : وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ إلى آخر السورة، وقاله ابن عباس وعطاء وقتادة. وقال مقاتل : أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً، الآية مدنية. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها أنه قال تعالى : فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً «١» ذكر تلهف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على كونهم لم يؤمنوا، وكونهم كذبوا بالحق، لما جاءهم. ولما أوعدهم في آخر السورة بقوله : فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً، أوعدهم في أول هذه فقال في إثر إخباره بتكذيبهم فسوف يأتيهم أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ. وتلك إشارة إلى آيات السورة، أو آيات القرآن. وأمال فتحة الطاء حمزة والكسائي، وأبو بكر وباقي السبعة :
بالفتح وحمزة بإظهار نون سين، وباقي السبعة بإدغامها وعيسى بكسر الميم من طسم هنا