البحر المحيط، ج ٨، ص : ٢٥٠
تمييز التسعة بالرهط لأنه في معنى الجماعة، فكأنه قيل : تسعة أنفس. انتهى. وتقدير غيره : تسعة رجال هو الأولى، لأنه من حيث أضاف إلى أنفس كان ينبغي أن يقول : تسع أنفس، على تأنيث النفس، إذ الفصيح فيها التأنيث. ألا تراهم عدوا من الشذوذ قول الشاعر :
ثلاثة أنفس وثلاث ذود فأدخل التاء في ثلاثة وكان الفصيح أن يقول : ثلاث أنفس. وقال أبو عبد اللّه الرازي :
الأقرب أن يكون المراد تسعة جمع، إذ الظاهر من الرهط الجماعة لا الواحد، ثم يحتمل أنهم كانوا قبائل، ويحتمل أنهم دخلوا تحت العدد، لاختلاف صفاتهم وأحوالهم، لا لاختلاف أجناسهم. انتهى. قيل : والرهط اسم الجماعة، وكأنهم كانوا رؤساء، مع كل واحد منهم رهط. وقال الكرماني : وأصله من الترهيط، وهو تعظيم اللقم وشدة الأكل.
انتهى. ورهط : اسم جمع، واتفقوا على أن فصله بمن هو الفصيح كقوله تعالى : فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ «١». واختلفوا في جواز إضافة العدد إليه، فذهب الأخفش إلى أنه لا ينقاس، وما ورد من الإضافة إليه فهو على سبيل الندور. وقد صرح سيبويه أنه لا يقال :
ثلاث غنم، وذهب قوم إلى أنه يجوز ذلك وينقاس، وهو مع ذلك قليل، وفصل قوم بين أن يكون اسم الجمع للقليل، كرهط ونفر وذود، فيجوز أن يضاف إليه، أو للتكثير، أو يستعمل لهما، فلا تجوز إضافته إليه، وهو قول المازني، وقد أطلنا الكلام في هذه المسألة في (شرح التسهيل).
ويُفْسِدُونَ : صفة لتسعة رهط، والمعنى : أنهم يفسدون الفساد العظيم الذي لا يخالطه شيء من الإصلاح، فلذلك قال : وَلا يُصْلِحُونَ، لأن بعض من يقع منه إفساد قد يقع منه إصلاح في بعض الأحيان. وقرأ الجمهور : تقاسموا، وابن أبي ليلى :
تقسموا، بغير ألف وتشديد السين، وكلاهما من القسم والتقاسم والتقسيم، كالتظاهر والتظهير. والظاهر أن قوله تَقاسَمُوا فعل أمر محكي بالقول، وهو قول الجمهور، أشار بعضهم على بعض بالحلف على تبييت صالح. وأجاز الزمخشري وابن عطية أن يكون تقاسموا فعلا ماضيا في موضع الحال، أي قالوا متقاسمين. قال الزمخشري : تقاسموا يحتمل أن يكون أمرا وخبرا على محل الحال بإضمار قد، أي قالوا : متقاسمين. انتهى.
أما قوله : وخبرا، فلا يصح لأن الخبر هو أحد قسمي الكلام، إذ هو منقسم إلى الخبر