البحر المحيط، ج ٨، ص : ٣٠١ الثماني. أراد بذلك تقرير الخيار، وأنه ثابت مستقر، وأن الأجلين على السواء، إما هذا، وإما هذا من غير تفاوت بينهما في القضاء. وأما التتمة فموكولة إلى رأيي، إن شئت أتيت بها وإلا لم أجبر عليها. وقيل : معناه فلا أكون متعديا، وهو في نفي العدوان عن نفسه، كقولك : لا إثم عليّ ولا تبعة. انتهى، وجوابه الأول فيه تكثير. وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ : أي على ما تعاهدنا عليه وتواثقنا، وَكِيلٌ : أي شاهد. وقال قتادة : حفيظ. وقال ابن شجرة : رقيب، والوكيل الذي وكل إليه الأمر، فلما ضمن معنى شاهد ونحوه عدى بعلى.
فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ : جاء على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه وفي أطول الأجلين، وهو العشر. وعن مجاهد : وفي عشر أو عشرا بعدها، وهذا ضعيف. وَسارَ بِأَهْلِهِ : أي نحو مصر بلده وبلد قومه. والخلاف فيمن تزوّج، الكبرى أم الصغرى، وكذلك في اسمها.
وتقدّم كيفية مسيره، وإيناسه النار في سورة طه وغيرها. وقرأ الجمهور : جذوة، بكسر الجيم والأعمش، وطلحة، وأبو حيوة، وحمزة : بضمها وعاصم، غير الجعفي :
بفتحها. لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ : أي تتسخنون بها، إذ كانت ليلة باردة، وقد أضلوا الطريق.
فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ، اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ، قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ، وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ، قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ.
من، في : من شاطىء، لابتداء الغاية، ومن الشجرة كذلك، إذ هي بدل من الأولى، أي من قبل الشجرة. والأيمن : يحتمل أن يكون صفة للشاطىء وللوادي، على معنى اليمن والبركة، أو الأيمن : يريد المعادل للعضو الأيسر، فيكون ذلك بالنسبة إلى موسى، لا للشاطىء، ولا للوادي، أي أيمن موسى في استقباله حتى يهبط الوادي، أو بعكس ذلك وكل هذه الأقوال في الأيمن مقول. وقرأ الأشهب العقيلي، ومسلمة : في البقعة، بفتح الباء. قال أبو زيد : سمعت من العرب : هذه بقعة طيبة، بفتح الباء، ووصفت البقعة بالبركة، لما خصت به من آيات اللّه وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام، أو لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة. ويتعلق في البقعة بنودي، أو تكون في موضع الحال من شاطىء.