البحر المحيط، ج ٨، ص : ٣٢٦
الكاف للتعليل، أي أحسن لأجل إحسان اللّه إليك. وَلا تَبْغِ الْفَسادَ : أي ما أنت عليه من البغي والظلم. عَلى عِلْمٍ، علم : مصدر، يحتمل أن يكون مضافا إليه ومضافا إلى اللّه. فقال الجمهور : ادّعى أن عنده علما استوجب به أن يكون صاحب تلك الكنوز.
فقيل : علم التوراة وحفظها، وكان أحد السبعين الذين اختارهم موسى للميقات، وكانت هذه مغالطة. وقال أبو سليمان الداني : أي علم التجارة ووجوه المكاسب، أي أوتيته بإدراكي وسعيي. وقال ابن المسيب : علم الكيمياء،
قال ابن المسيب : وكان موسى عليه السلام يعلم الكيمياء، وهي جعل الرصاص والنحاس ذهبا.
وعن ابن عباس : على علم الصنعة الذهب
، ولعل ذلك لا يصح عنه ولا عن ابن المسيب. وأنكر الزجاج علم الكيمياء وقال : باطل لا حقيقة له. انتهى.
وكثيرا ما تولع أهل مصر بطلب أشياء من المستحيلات والخرافات من ذلك : تغوير الماء، وخدمة الصور الممثلة في الجدر خطوطا، وادعائهم أن تلك الخطوط تتحرك إذا خدمت بأنواع من الخدم لهم، والكيمياء حتى أن مشايخ العلم عندهم، الذين هم عندهم بصورة الولاية، يتطلب ذلك من أجهل وارد من المغاربة. وقال ابن زيد وغيره : أراد :
أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ من اللّه وتخصيص من لدنه قصدني به، أي فلا يلزمني فيه شيء مما قلتم، ثم جعل قوله : عِنْدِي، كما يقول : في معتقدي وعلى ما أراه. وقال مقاتل :
عَلى عِلْمٍ، أي على خير علمه اللّه عندي. والظاهر أن قوله : أَوَلَمْ يَعْلَمْ، تقرير لعلمه ذلك، وتنبيه على خطئه في اغتراره أي قد علم أن اللّه قد أهلك من القرون قبله من هو أقوى منه وأغنى، لأنه قد قرأه في التوراة، وأخبر به موسى، وسمعه في التواريخ، كأنه قيل : أو لم يعلم في جملة ما عنده من العلم؟ هذا حتى لا يغتر بكثرة ماله وقوته. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون نعتا لعلمه بذلك، لأنه لما قال : أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي، فتنفح بالعلم وتعظم به، قيل : أعنده مثل ذلك العلم الذي ادعاه؟ وأرى نفسه به مستوجبة لكل نعمة، ولم يعلم هذا العلم النافع حتى يقي نفسه مصارع الهالكين. انتهى. وَأَكْثَرُ جَمْعاً، إما للمال، أو جماعة يحوطونه ويخدمونه. قال ابن عطية : أَوَلَمْ يَعْلَمْ، يرجح أن قارون تشبع بعلم نفسه على زعمه.
وقرأ الجمهور : وَلا يُسْئَلُ، مبنيا للمفعول والْمُجْرِمُونَ : رفع به، وهو متصل بما قبله، قاله محمد بن كعب. والضمير في ذُنُوبِهِمُ عائد على من أهلك من القرون، أي لا يسأل غيرهم ممن أجرم، ولا ممن لم يجرم، عمن أهلكه اللّه، بل : كُلُّ نَفْسٍ بِما