البحر المحيط، ج ٨، ص : ٣٦٣
أن كعب بن الأشرف وأصحابه قالوا : يا محمد! من يشهد بأنك رسول اللّه؟ فنزلت
: قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً : أي قد بلغت وأنذرت، وأنكم جحدتم وكذبتم، وهو العالم ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، فيعلم أمري وأمركم، وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ. قال ابن عباس : بغير اللّه. وقال مقاتل : بعبادة الشيطان. وقيل : بالصنم.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ : أي كفار قريش في قولهم : ائْتِنا بِما تَعِدُنا «١»، وقول النضر :
فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً «٢»، وهو استعجال على جهة التعجيز والتكذيب والاستهزاء بالعذاب الذي كان يتوعدهم به الرسول. والأجل المسمى : ما سماه اللّه وأثبته في اللوح لعذابهم، وأوجبت الحكمة تأخيره. وقال ابن جبير : يوم القيامة. وقال ابن سلام : أجل ما بين النفختين، وقيل : يوم بدر. وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً : أي فجأة، وهو ما ظهر يوم بدر، وفي السنين السبع. ثم كرر فعلهم وقبحه، وأخبر أن وراءهم جهنم، تحيط بهم. وانتصب يَوْمَ يَغْشاهُمُ بمحيطة. وقرأ الكوفيون، ونافع : وَيَقُولُ : أي اللّه وباقي السبعة : بالنون، نون العظمة، أو نون جماعة الملائكة وأبو البرهسم : بالتاء، أي جهنم كما نسب القول إليها في : وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ «٣». وقرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة : ويقال، مبنيا للمفعول.
يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ، الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ، اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ، فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ، لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ

(١) سورة الأعراف : ٧/ ٧٧.
(٢) سورة الأنفال : ٨/ ٣٢.
(٣) سورة ق : ٥٠/ ٣٠.


الصفحة التالية
Icon