البحر المحيط، ج ٩، ص : ١٢١
الْمُسْتَقِيمَ، وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ، سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ، أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ، إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ، وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ، ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ، وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.
الْكَرْبِ الْعَظِيمِ : تعبد القبط لهم، ثم خوفهم من جيش فرعون، ثم البحر بعد ذلك، والضمير في وَنَصَرْناهُمْ عائد على موسى وهارون وقومهما وقيل : عائد على موسى وهارون فقط، تعظيما لهما بكناية الجماعة. وهُمُ : يجوز أن يكون فصلا وتوكيدا أو بدلا. والْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ : التوراة، كما قال تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ «١». والصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ : هو الإسلام وشرع اللّه. وإِلْياسَ، قال ابن مسعود وقتادة : هو إدريس عليه السلام. ونقلوا عن ابن مسعود، وابن وثاب، والأعمش، والمنهال بن عمر، والحكم بن عتيبة الكوفي أنهم قرأوا : وإن إدريس لمن المرسلين، وهي محمولة عندي على تفسيرة، لأن المستفيض عن ابن مسعود أنه قرأ : وَإِنَّ إِلْياسَ، وأيضا تفسيره إلياس بأنه إدريس لعله لا يصح عنه، لأن إدريس في التاريخ المنقول كان قبل نوح. وفي سورة الأنعام ذكر إلياس، وأنه من ذرية إبراهيم، أو من ذرية نوح على ما يحتمله قوله تعالى : وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا «٢»، وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ «٣»، وذكر في جملة هذه الذرية إلياس، وقيل : إلياس من أولاد هارون. قال الطبري : هو إلياس بن ياسين ابن فنحاص بن العيزار بن هارون. وقرأ الجمهور : وَإِنَّ إِلْياسَ، بهمزة قطع مكسورة.
وقرأ عكرمة، والحسن : بخلاف عنهما والأعرج، وأبو رجاء، وابن عامر، وابن محيصن :
بوصل الألف، فاحتمل أن يكون وصل همزة القطع، واحتمل أن يكون اسمه يأسا، ودخلت عليه أل، كما دخلت على أليسع. وفي حرف أبيّ ومصحفه : وإن إبليس، بهمزة مكسورة، بعدها ياء ساكنة، بعدها لام مكسورة، بعدها ياء ساكنة وسين مفتوحة. وقرىء : وإن أدراس، لغة في إدريس، كأبراهام في إبراهيم.
(٢) سورة الأنعام : ٦/ ٨٤.
(٣) سورة الأنعام : ٦/ ٨٤.