البحر المحيط، ج ٩، ص : ١٣٤
أم ذكر سلمى ان نأتك كنوص واستناص طلب المناص
قال حارثة بن بدر :
غمر الجراء إذا قصرت عنانه بيدي استناص ورام جري المسحل
وقال الجوهري : استناص : تأخر. وقال النحاس : ناص ينوص : تقدم. الوتد : معروف، وكسر التاء أشهر من فتحها. ويقال : وتد واتد، كما يقال : شغل شاغل. قال الأصمعي وأنشد :
لاقت على الماء جذيلا واتدا ولم يكن يخلفها المواعدا
وقالوا : ودّ فأدغموه، قال الشاعر :
تخرج الودّ إذا ما أشحذت وتواريه إذا ما تشتكر
وقالوا فيه : دت، فأدغموا بإبدال الدال تاء، وفيه قلب الثاني للأول، وهو قليل.
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ، كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ، وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ، أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ، وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ، ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ، أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ، أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ، جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ، كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ، وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ، إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ.
هذه السورة مكية، ومناسبتها لآخر ما قبلها أنه لما ذكر عن الكفار أنهم كانوا يقولون :
لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ «١»، لأخلصوا العبادة للّه. وأخبر أنهم أتاهم الذكر فكفروا به. بدأ في هذه السورة بالقسم بالقرآن، لأنه الذكر الذي جاءهم، وأخبر عنهم أنهم كافرون، وأنهم في تعزز ومشاقة للرسول الذي جاء به ثم ذكر من أهلك من القرون التي شاقت الرسل ليتعظوا. وروي أنه لما مرض أبو طالب، جاءت قريش رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وعند

(١) سورة الصافات : ٣٧/ ١٦٨.


الصفحة التالية
Icon