البحر المحيط، ج ٩، ص : ٢٠٨
لا يملكون شيئا، فكيف يملكون الشفاعة؟ وقال الزمخشري : أي ولو كانوا على هذه الصفة لا يملكون شيئا قط حتى يملكوا الشفاعة، ولا عقل لهم. انتهى. فأتى بقوله : قط، بعد قوله : لا يملكون، وليس بفعل ماض، وقط ظرف يستعمل مع الماضي لا مع غيره، وقد تكرر للزمخشري هذا الاستعمال، وليس باستعمال عربي.
قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً : فهو مالكها، يأذن فيها لمن يشاء ثم أتى بعام وهو : لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، فاندرج فيه ملك الشفاعة. ولما كانت الشفاعة من غيره موقوفة على إذنه، كانت الشفاعة كلها له. ولما أخبر أنه له ملك السموات والأرض، هددهم بقوله : ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، فيعلمون أنهم لا يشفعون، ويخيب سعيكم في عبادتهم.
وقال الزمخشري : معناه له ملك السموات والأرض اليوم، ثم إليه ترجعون يوم القيامة، فلا يكون الملك في اليوم ذلك إلا له، فله ملك الدنيا والآخرة.
وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ : أي مفردا بالذكر، ولم يذكر مع آلهتهم. وقيل : إذا قيل لا إله إلا اللّه، وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ، وهي الأصنام. والاشمئزاز والاستبشار متقابلان غاية، لأن الاشمئزاز : امتلاء القلب غم
وقت ذكر الذين من دونهرة للتوكيد وحذف ما تضاف إليه، والتقدير : إذا كان ذلك هم يستبشرون، فيكون هم يستبشرون العامل في إذا، المعنى : إذا كان ذلك استبشروا. انتهى. أما قول الزمخشري : فلا أعلمه من قول من ينتمي للنحو، وهو أن الظرفين معمولان لعامل واحد، ثم إذا الأولى ينتصب على الظرف، والثانية على المفعول به. وأما قول الحوفي فبعيد جدّا عن الصواب، إذ جعل إذا مضافة إلى الابتداء والخبر، ثم قال : وإذا مكررة للتوكيد وحذف ما تضاف إليه، فكيف تكون مضافة إلى الابتداء والخبر الذي هم يستبشرون؟ وهذا كله يوجبه عدم الإتقان لعلم النحو والتحدث فيه، وقد تقدم لنا في مواضع إذا التي للمفاجأة جوابا لإذا الشرطية، وقد قررنا في علم النحو الذي كتبناه أن إذا الشرطية ليست مضافة إلى الجملة التي تليها، وإن كان مذهب الأكثرين، وأنها ليست بمعمولة للجواب، وأقمنا الدليل على ذلك، بل هي معمولة للفعل الذي يليها، كسائر أسماء الشرطية الظرفية، وإذا الفجائية رابطة لجملة الجزاء بجملة الشرط، كالفاء وهي