البحر المحيط، ج ٩، ص : ٢٤٤
ذِي الْمَعارِجِ «١»، أو يكون ذلك عبارة عن رفعه شأنه وعلو سلطانه. كما أن قوله : ذُو الْعَرْشِ عبارة عن ملكه، وبنحوه فسر ابن زيد قال : عظيم الصفات. والرُّوحَ : النبوة، قاله قتادة والسدي، كما قال : رُوحاً مِنْ أَمْرِنا «٢» وعن قتادة أيضا : الوحي. وقال ابن عباس : القرآن، وقال الضحاك : جبريل يرسله لمن يشاء. وقيل : الرحمة، وقيل : أرواح العباد، وهذان القولان ضعيفان، والأولى الوحي، استعير له الروح لحياة الأديان المرضية به، كما قال : أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ «٣». وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون إلقاء الروح عامل لكل ما ينعم اللّه به على عباده المهتدين في تفهيم الإيمان والمعقولات الشريفة. انتهى. وقال الزجاج : الروح : كل ما به حياة الناس، وكل مهتد حي، وكل ضال ميت. انتهى. وقال ابن عباس : مِنْ أَمْرِهِ : من قضائه. وقال مقاتل : بأمره، وحكى الشعبي من قوله، ويظهر أن من لابتداء الغاية.
وقرأ الجمهور : لِيُنْذِرَ مبنيا للفاعل، يَوْمَ بالنصب، والظاهر أن الفاعل يعود على اللّه، لأنه هو المحدث عنه. واحتمل يوم أن يكون مفعولا على السعة، وأن يكون ظرفا، والمنذر به محذوف. وقرأ أبيّ وجماعة : كذلك، إلا أنهم رفعوا يوم على الفاعلية مجازا. وقيل : الفاعل في القراءة الأولى ضمير الروح. وقيل : ضمير من. وقرأ اليماني فيما ذكر صاحب اللوامح : لينذر مبنيا للمفعول، يوم التلاق، برفع الميم. وقرأ الحسن واليماني فيما ذكر ابن خالويه : لتنذر بالتاء، فقالوا : الفاعل ضمير الروح، لأنها تؤنث، أو فيه ضمير الخطاب الموصول. وقرىء : التلاق والتناد، بياء وبغير ياء، وسمي يوم التلاق لالتقاء الخلائق فيه، قاله ابن عباس. وقال قتادة ومقاتل : يلتقي فيه الخالق والمخلوق. وقال ميمون بن مهران : يلتقي فيه الظالم والمظلوم. وحكى الثعلبي : يلتقي المرء بعلمه. وقال السدّي : يلاقي أهل السماء أهل الأرض. وقيل : يلتقي العابدون ومعبودهم. يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ : أي ظاهرون من قبورهم، لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء، لأن الأرض إذ ذاك قاع صفصف، ولا من ثياب، لأنهم يحشرون حفاة عراة. ويوما بدل من يوم التلاق، وكلاهما ظرف مستقبل. والظرف المستقبل عند سيبويه لا يجوز إضافته إلى الجملة الاسمية، لا يجوز : أجيئك يوم زيد ذاهب، إجراء له مجرى إذا، فكما لا يجوز أن تقول :
(٢) سورة الشورى : ٤٢/ ٥٢.
(٣) سورة الأنعام : ٦/ ١٢٢.