البحر المحيط، ج ٩، ص : ٢٥١
الدين أو ظهور الفساد. وقرأ باقي السبعة : وأن بانتصاب الخوف عليهما معا. وقرأ أنس بن مالك، وابن المسيب، ومجاهد، وقتادة، وأبو رجاء، والحسن، والجحدري، ونافع، وأبو عمرو، وحفص : يُظْهِرَ من أظهر مبنيا للفاعل، الْفَسادَ : نصبا. وقرأ باقي السبعة، والأعرج، والأعمش، وابن وثاب، وعيسى : يظهر من ظهر مبنيا للفاعل، الفساد : رفعا.
وقرأ مجاهد : يظهر بشد الظاء والهاء، الفساد : رفعا. وقرأ زيد بن عليّ : يظهر : بضم الياء وفتح الهاء مبنيا للمفعول، الفساد : رفعا.
ولما سمع موسى بمقالة فرعون، استعاذ باللّه من شر كل متكبر منكر للمعاد. وقال :
وَرَبِّكُمْ : بعثا على الاقتداء به، فيعوذون باللّه ويعتصمون به ومن كل متكبر يشمل فرعون وغيره من الجبابرة وكان ذلك على طريق التعريض، وكان أبلغ. والتكبر : تعاظم الإنسان في نفسه مع حقارته، لأنه يفعل ولا يؤمن بيوم الحساب، أي بالجزاء، وكان ذلك آكد في جراءته، إذ حصل له التعاظم في نفسه، وعدم المبالاة بما ارتكب. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي : عدت بالإدغام وباقي السبعة : بالإظهار. وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، قيل : كان قبطيا ابن عم فرعون، وكان يجري مجرى ولي العهد، ومجرى صاحب الشرطة. وقيل : كان قبطيا ليس من قرابته. وقيل : قيل فيه من آل فرعون، لأنه كان في الظاهر على دينه ودين أتباعه. وقيل : كان إسرائيليا وليس من آل فرعون، وجعل آل فرعون متعلقا بقوله : يَكْتُمُ إِيمانَهُ، لا في موضع الصفة لرجل، كما يدل عليه الظاهر، وهذا فيه بعد، إذ لم يكن لأحد من بني إسرائيل أن يتجاسر عند فرعون بمثل ما تكلم به هذا الرجل. وقد رد قول من علق من آل فرعون بيكتم، فإنه لا يقال : كتمت من فلان كذا، إنما يقال : كتمت فلانا كذا، قال تعالى : وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «١»، وقال الشاعر :
كتمتك ليلا بالجمومين ساهرا وهمين هما مستكنا وظاهرا
أحاديث نفس تشتكي ما يريبها وورد هموم لن يجدن مصادرا
أي : كتمتك أحاديث نفس وهمين. قيل : واسمه سمعان. وقيل : حبيب. وقيل :
حزقيل. وقرأ الجمهور : رَجُلٌ بضم الجيم. وقرأ عيسى، وعبد الوارث، وعبيد بن عقيل، وحمزة بن القاسم عن أبي عمرو : بسكون، وهي لغة تميم ونجد.

(١) سورة النساء : ٤/ ٤٢. [.....]


الصفحة التالية
Icon