البحر المحيط، ج ٩، ص : ٢٨٧
أرى حفظه يفضي بتحسين حالتي وتضييعه يفضي لتسآل مقبوح
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا، قال السدي : نزلت في المرضى والزمنى إذا عجزوا عن إكمال الطاعات، كتب لهم من الأجر كأصح ما كانوا يعملون. والممنون : المنقوص، قاله ابن عباس، رضي اللّه عنه. قال ذو الأصبغ العدواني :
إني لعمرك ما بابي بذي غلق على الصديق ولا خيري بممنون
وقال مجاهد : غير محسوب، وقيل : غير مقطوع، قال الشاعر :
فضل الجواد على الخيل البطاء فلا يعطى بذلك ممنونا ولا نزقا
وقيل : لا يمن به لأن أعطيات اللّه تشريف، والمن إنما يدخل أعطيات البشر. وقيل :
لا بمن به لأنه إنما بمن التفضيل، فأما الآخر فحق أداؤه، نقله الزمخشري، وفيه دسيسة الاعتزال. قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ : استفهام توبيخ وتشنيع عليهم، يكفر من أوجد العالم سفليه وعلويه، ووصف صورة خلق ذلك ومدته، والحكمة في الخلق في مدة هو قادر على أن يوجد ذلك دفعة واحدة. فذكر تعالى إيجاد ذلك مرتبا، وتقدم الكلام في أول ما ابتدئ فيه الخلق، وما خلق مرتبا. ومعنى فِي يَوْمَيْنِ : في مقدار يومين. وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً : أي أشباها وأمثالا من الملائكة والجن والأصنام يعبدونها دونه. وقال السدي :
أكفاء من الرجال يطيعونهم، وتجعلون معطوف على لتكفرون، فهو داخل في حيز الاستفهام المقتضي الإنكار والتوبيخ، ذلِكَ أي موجد الأرض ومخترعها، رَبُّ الْعالَمِينَ من الأنداد التي جعلتم له وغيرهم.
وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ : إخبار مستأنف، وليس من الصلة في شيء، بل هو معطوف على قوله : لَتَكْفُرُونَ. وَبارَكَ فِيها : أكثر فيها خيرها. وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها : أي أرزاق ساكنيها ومعايشهم، وأضافهما إلى الأرض من حيث هي فيها وعنها برزت، قاله السدي. وقال قتادة : أقواتها من الجبال والأنهار والأشجار والصخور والمعادن، والأشياء التي بها قوام الأرض ومصالحها. وقال مجاهد : أقواتها من المطر والمياه. وقال عكرمة والضحاك ومجاهد أيضا : خصائصها التي قسمها في البلاد مما خص به كل إقليم، فيحتاج بعضها إلى بعض في التفوّت من الملابس والمطاعم والنبات. فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ : أي في تمام أربعة أيام باليومين المتقدمين. وقال الزمخشري فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فذلكة لمدة خلق