البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٨٧
إليه. وقيل : بعض ما يختلفون فيه من أحكام التوراة. وقال أبو عبيدة : بعض بمعنى كل، ورده الناس عليه. وقال مقاتل : هو كقوله : وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ «١»، أي في الإنجيل : لحم الإبل، والشحم من كل حيوان، وصيد السمك يوم السبت. وقال مجاهد : بعض الذي يختلفون فيه من تبديل التوراة. وقيل : مما سألتم من أحكام التوراة.
وقال قتادة : ولأبين لكم اختلاف القرون الذين تحزبوا في أمر عيسى في قوله : قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ، وهم قومه المبعوث إليهم، أي من تلقائهم ومن أنفسهم، بان شرهم ولم يدخل عليهم الاختلاف من غيرهم. وتقدم الخلاف في اختلافهم في سورة مريم في قوله :
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ «٢».
هَلْ يَنْظُرُونَ : الضمير لقريش، وأَنْ تَأْتِيَهُمْ : بدل من الساعة، أي إتيانها إياهم. الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ : قيل نزلت في أبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط. والتنوين في يومئذ عوض عن الجملة المحذوفة، أي يوم إذ تأتيهم الساعة، ويومئذ منصوب بعد، والمعنى : أنه ينقطع كل خلة وتنقلب الأخلة المتقين، فإنها لا تزداد إلا قوّة. وقيل : إِلَّا الْمُتَّقِينَ : إلا المجتنبين أخلاء السوء، وذلك أن أخلاء السوء كل منهم يرى أن الضرر دخل عليه من خليله، كما أن المتقين يرى كل منهم النفع دخل عليه من خليله. وقرىء :
يا عبادي، بالياء، وهو الأصل، ويا عباد بحذفها، وهو الأكثر، وكلاهما في السبعة. وعن المعتمر بن سليمان : سمع أن الناس حين يبعثون، ليس منهم أحد إلا يفزغ فينادي مناد يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الآية، فيرجوها الناس كلهم، فيتبعها الَّذِينَ آمَنُوا الآية، قال : فييأس منها الكفار. وقرأ الجمهور : لا خوف، مرفوع منون وابن محيصن : بالرفع من غير تنوين والحسن، والزهري، وابن أبي إسحاق، وعيسى، وابن يعمر : بفتحها من غير تنوين، والَّذِينَ آمَنُوا صفة ليا عبادي.
تُحْبَرُونَ : تسرون سرورا يظهر حباره، أي أثره على وجوهكم، لقوله تعالى :
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ «٣». وقال الزجاج : يكرمون إكراما يبالغ فيه، والحبرة :
المبالغة فيما وصف بجميل وأمال أبو الحرث عن الكسائي. بِصِحافٍ : ذكره ابن خالويه. والضمير في : وفِيها، عائد على الجنة. ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ :
هذا حصر لأنواع النعم، لأنها إما مشتهاة في القلوب، أو مستلذة في العيون. وقرأ أبو

(١) سورة آل عمران : ٣/ ٥٠.
(٢) سورة مريم : ١٩/ ٣٧.
(٣) سورة المطففين : ٨٣/ ٢٤.


الصفحة التالية
Icon