البحر المحيط، ج ٩، ص : ٥٢٨
كبير في العنق، يقال : إنهما وريدان عن يمين وشمال. وقال الفراء : هو ما بين الحلقوم والعلباوين. وقال الأثرم : هو نهر الجسد، هو في القلب : الوتين، وفي الظهر : الأبهر، وفي الذراع والفخذ : الأكحل والنسا، وفي الخنصر : الأسلم. وقال الزمخشري : والوريدان عرقان مكتنفان بصحفتي العنق في مقدمها متصلان بالوتين، يردان من الرأس إليه، سمي وريدا لأن الروح ترده. قال :
كان وريديه رشا صلب ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ، أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ، بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ، أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ، وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ، وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ، وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ، رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ، كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ، وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ، وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ.
هذه السورة مكية، قال ابن عطية : بإجماع من المتأولين. وقال صاحب التحرير : قال ابن عباس، وقتادة : مكية إلا آية، وهي قوله تعالى : وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الآية. ومناسبتها لآخر ما قبلها، أنه تعالى أخبر أن أولئك الذين قالوا آمنا، لم يكن إيمانهم حقا، وانتفاء إيمانهم دليل على إنكار نبوة الرسول صلى اللّه عليه وسلم، فقال : بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ. وعدم الإيمان أيضا يدل على إنكار البعث، فلذلك أعقبه به. وق حرف هجاء، وقد اختلف المفسرون في مدلوله على أحد عشر قولا متعارضة، لا دليل على صحة شيء منها، فأطرحت نقلها في كتابي هذا.
وَالْقُرْآنِ مقسم به والْمَجِيدِ صفته، وهو الشريف على غيره من الكتب، والجواب محذوف يدل عليه ما بعده، وتقديره : أنك جئتهم منذرا بالبعث، فلم يقبلوا.
بَلْ عَجِبُوا، وقيل : ما ردوا أمرك بحجة. وقال الأخفش، والمبرد، والزجاج : تقديره لتبعثن. وقيل : الجواب مذكور، فعن الأخفش قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعن ابن كيسان، والأخفش : ما يلفظ من قول وعن نحاة الكوفة : بل عجبوا، والمعنى : لقد عجبوا. وقيل : إن في ذلك لذكرى، وهو اختيار محمد بن علي الترمذي. وقيل : ما يبدل


الصفحة التالية
Icon