البحر المحيط، ج ٩، ص : ٨٣
الزمخشري : وقيل الركوبة جمع. انتهى، ويعني اسم جمع، لأن فعولة بفتح الفاء ليس بجمع تكسير. وقد عد بعض أصحابنا أبنية أسماء الجموع، فلم يذكر فيها فعولة، فينبغي أن يعتقد فيها أنها اسم مفرد لا جمع تكسير ولا اسم جمع، أي مركوبتهم كالحلوبة بمعنى المحلوبة. وقرأ الحسن، وأبو البرهسم، والأعمش : ركوبهم، بضم الراء وبغير تاء، وهو مصدر حذف مضافه، أي ذو ركوبهم، أو فحسن منافعها ركوبهم، فيحذف ذو، أو يحذف منافع. قال ابن خالويه : العرب تقول : ناقة ركوب حلوب، وركوبة حلوبة، وركباة حلباة، وركبوب حلبوب، وركبى حلبى، وركبوتا حلبوتا، كل ذلك محكي، وأنشد :
ركبانة حلبانة زفوف تخلط بين وبر وصوف
وأجمل المنافع هنا، وفصلها في قوله : وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ «١» الآية.
والمشارب : جمع مشرب، وهو إما مصدر، أي شرب، أو موضع الشرب. ثم عنفهم واستجهلهم في اتخاذهم آلهة لطلب الاستنصار. لا يَسْتَطِيعُونَ : أي الآلهة، نصر متخذيهم، وهذا هو الظاهر. لما اتخذوهم آلهة للاستنصار بهم، رد تعالى عليهم بأنهم ليس لهم قدرة على نصرهم. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون الضمير في يَسْتَطِيعُونَ عائدا للكفار، وفي نَصْرَهُمْ للأصنام. انتهى. والظاهر أن الضمير في وهم عائد على ما هو الظاهر في لا يَسْتَطِيعُونَ، أي والآلهة للكفار جند محضرون في الآخرة عند الحساب على جهة التوبيخ والنقمة. وسماهم جندا، إذ هم معدون للنقمة من عابديهم وللتوبيخ، أو محضرون لعذابهم لأنهم يجعلون وقودا للنار. قيل : ويجوز أن يكون الضمير في وهم عائدا على الكفار، وفي لهم عائدا على الأصنام، أي وهم الأصنام جند محضرون متعصبون لهم متحيرون، يذبون عنهم، يعني في الدنيا، ومع ذلك لا يستطيعون، أي الكفار التناصر. وهذا القول مركب على أن الضمير في لا يستطيعون للكفار. ثم آنس تعالى نبيه بقوله : فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ : أي لا يهمك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم، وتوعد الكفار بقوله : إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ، فنجازيهم على ذلك.
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ : قبح تعالى إنكار الكفرة البعث، حيث قرر أن عنصره الذي خلق منه هو نطفة ماء مهين خارج من مخرج النجاسة. أفضى به مهانة أصله إلى أن يخاصم الباري تعالى ويقول : من يحيي الميت بعد ما رمّ؟ مع علمه أنه منشأ من موات. وقائل ذلك