البحر المحيط، ج ٩، ص : ٩٠
اللّه، أو في صلاة وطاعة. وقيل : والطير صافات. والزاجرات، قال مجاهد، والسدي :
الملائكة تزجر السحاب وغيرها من مخلوقات اللّه تعالى. وقال قتادة : آيات القرآن لتضمنه النواهي الشرعية وقيل : كل ما زجر عن معاصي اللّه. والتاليات : القارئات. قال مجاهد :
الملائكة يتلون ذكره. وقال قتادة : بنو آدم يتلون كلامه المنزل وتسبيحه وتكبيره. وقال مجاهد : الملائكة يتلون ذكره. قال الزمخشري : ويجوز أن يقسم بنفوس العلماء العمال الصافات أقدامها في التهجد وسائر الصلوات وصفوف الجماعات، فالزاجرات بالموعظة والنصائح، فالتاليات آيات اللّه، والدارسات شرائعه أو بنفوس قراء القرآن في سبيل اللّه التي تصف الصفوف، وتزجر الخيل للجهاد، وتتلو الذكر مع ذلك لا يشغلها عنه تلك الشواغل. انتهى. وقال ما معناه : إن الفاء العاطفة في الصافات، إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود كقوله :
يا لهف زيابة للحارث الصا بح، فالغانم، فالآيب
أي الذي صبح فغنم فآب وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه، كقولك :
خذ الأفضل فالأفضل، واعمل الأحسن فالأجمل وإما على ترتيب موصوفاتها في ذلك، كقولك : رحم اللّه المحلقين فالمقصرين. فأما هنا، فإن وحدت الموصوف كانت للدلالة على ترتيب الصافات في التفاضل، فإذا كان الموحد الملائكة، فيكون الفضل للصف، ثم الزجر، ثم التلاوة وإما على العكس، وإن تليت الموصوف، فترتب في الفضل، فتكون الصافات ذوات فضل، والزاجرات أفضل، والتاليات أبهر فضلا، أو على العكس. انتهى.
ومعنى العكس في المكانين : أنك ترتقي من أفضل إلى فاضل إلى مفضول أو تبدأ بالأدنى، ثم بالفاضل، ثم بالأفضل. وأدغم ابن مسعود، ومسروق، والأعمش، وأبو عمرو، وحمزة : التاءات الثلاث. والجملة المقسم عليها تضمنت وحدانيته تعالى، أي هو واحد من جميع الجهات التي ينظر فيها المتفكرون خبر بعد خبر، على مذهب من يجيز تعداد الأخبار، أو خبر مبتدأ محذوف، وهو أمدح، أي هو رب.
وذكر المشارق لأنها مطالع الأنوار، والإبصار بها أكلف، وذكرها يغني عن ذكر المغارب، إذ ذاك مفهوم من المشارق، والمشارق ثلاثمائة وستون مشرقا، وكذلك المغارب. تشرق الشمس كل يوم من مشرق منها وتغرب في مغرب، ولا تطلع ولا تغرب في واحد يومين. وثنى في رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ «١»، باعتبار مشرقي الصيف