مفاتيح الغيب، ج ١، ص : ٧٩
والخبر السادس :
عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم : أنه كان يعوذ الحسن والحسين رضي اللّه عنهما، ويقول :
«أعيذكما بكلمات اللّه التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة» ويقول :«كان أبي إبراهيم عليه السلام يعوذ بها إسماعيل وإسحاق عليهما السلام».
الخبر السابع :
أنه عليه الصلاة والسلام كان يعظم أمر الاستعاذة حتى أنه لما تزوج امرأة ودخل بها فقالت : أعوذ باللّه منك فقال عليه الصلاة والسلام : عذت بمعاذ فالحقي بأهلك.
واعلم أن الرجل المستبصر بنور اللّه لا التفات له إلى القائل، وإنما التفاته إلى القول، فلما ذكرت تلك المرأة كلمة أعوذ باللّه بقي قلب الرسول صلى اللّه عليه وسلم مشتغلا بتلك الكلمة، ولم يلتفت إلى أنها قالت تلك الكلمة عن قصد أم لا.
والخبر الثامن :
روى الحسن قال : بينما رجل يضرب مملوكا له فجعل المملوك يقول :(أعوذ باللّه) إذ جاء نبي اللّه فقال : أعوذ برسول اللّه، فأمسك عنه فقال عليه السلام : عائذ اللّه أحق أن يمسك عنه، فقال : فإني أشهدك يا رسول اللّه أنه حر لوجه اللّه، فقال عليه الصلاة والسلام :«أما والذي نفسي بيده لو لم تقلها لدافع وجهك سفع النار.
والخبر التاسع :
قال سويد : سمعت أبا بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه يقول على المنبر : أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، وقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، فلا أحب أن أترك ذلك ما بقيت.
والخبر العاشر :
قوله عليه الصلاة والسلام :«أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من غضبك، وأعوذ بك منك».
المستعاذ منه :
الركن الرابع : من أركان هذا الباب الكلام، في المستعاذ منه وهو الشيطان، والمقصود من الاستعاذة دفع شر الشيطان، واعلم أن شر الشيطان إما أن يكون بالوسوسة أو بغيرهما، / كما ذكره في قول اللّه تعالى : كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة : ٢٧٥] وفي هذا الباب مسائل غامضة دقيقة من العقليات، ومن علوم المكاشفات.
الاختلاف في وجود الجن :
المسألة الأولى : اختلف الناس في وجود الجن والشياطين فمن الناس من أنكر الجن والشيطان، واعلم أنه لا بد أولا من البحث عن ماهية الجن والشياطين فنقول : أطبق الكل على أنه ليس الجن والشياطين عبارة عن أشخاص جسمانية كثيفة تجيء وتذهب مثل الناس والبهائم، بل القول المحصل فيه قولان : الأول : أنها أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، ولها عقول وأفهام وقدرة على أعمال صعبة شاقة. والقول الثاني : أن كثيرا من الناس أثبتوا أنها موجودات غير متحيزة ولا حالة في المتحيز، وزعموا أنها موجودات مجردة عن الجسمية، ثم هذه الموجودات قد تكون عالية مقدسة عن تدبير الأجسام بالكلية، وهي الملائكة المقربون، كما قال اللّه تعالى : وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ [الأنبياء : ١٩] ويليها مرتبة الأرواح