مفاتيح الغيب، ج ١٤، ص : ٢٢١
ثم قال : وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قال ابن عباس : بين العداوة حيث ابي السجود وقال : لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف : ١٦].
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٣]
قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)
اعلم ان هذه الآية مفسرة في سورة البقرة وقد ذكرنا هناك ان هذه الآية تدل على صدور الذنب العظيم من آدم عليه السلام الا انا نقول : هذا الذنب انما صدر عنه قبل النبوة وعلى هذا التقدير فالسؤال زائل.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٢٤ إلى ٢٥]
قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥)
اعلم ان هذا الذي تقدم ذكره هو آدم وحواء وإبليس وإذا كان كذلك فقوله : اهْبِطُوا يجب ان يتناول هؤلاء الثلاثة بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يعني العداوة ثابتة بين الجن والانس لا تزول البتة وقوله : فِيها تَحْيَوْنَ الكناية عائدة إلى الأرض في قوله : وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ والمراد في الأرض تعيشون وفيها تموتون ومنها تخرجون إلى البعث والقيامة. قرا حمزة والكسائي تخرجون بفتح التاء وضم الراء وكذلك في الروم والزخرف والجاثية وقرا ابن عامر هاهنا وفي الزخرف بفتح التاء وفي الروم والجاثية بضم التاء والباقون جميع ذلك بضم التاء.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٦]
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)
في نظم الآية وجهان :
الوجه الاول : انه تعالى لما بين انه امر آدم وحواء بالهبوط إلى الأرض وجعل الأرض لهما مستقرا بين بعده انه تعالى انزل كل ما يحتاجون اليه في الدين والدنيا ومن جملتها اللباس الذي يحتاج اليه في الدين والدنيا.
الوجه الثاني : انه تعالى لما ذكر واقعة آدم في انكشاف العورة انه كان يخصف الورق عليها اتبعه بأن بين انه خلق اللباس للخلق ليستروا بها عورتهم ونبه به على المنة العظيمة على الخلق بسبب انه أقدرهم على التستر.
فإن قيل : ما معنى إنزال اللباس؟
قلنا : انه تعالى انزل المطر وبالمطر تتكون الأشياء التي منها يحصل اللباس فصار كأنه تعالى انزل اللباس وتحقيق القول ان الأشياء التي تحدث في الأرض لما كانت معلقة بالأمور النازلة من السماء صار كأنه تعالى أنزلها من السماء. ومنه قوله تعالى : وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الزمر : ٦] وقوله : وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد : ٢٥] واما قوله : وَرِيشاً ففيه بحثان :
البحث الاول : الريش لباس الزينة استعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته اي أنزلنا عليكم لباسين


الصفحة التالية
Icon