مفاتيح الغيب، ج ١٤، ص : ٢٢٩
الجمع والأعياد سنة وايضا انه تعالى قال في الآية المتقدمة : قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً [الأعراف : ٢٦] فبين ان اللباس الذي يواري السوأة من قبيل الرياش والزينة ثم انه تعالى أمر بأخذ الزينة في هذه الآية فوجب ان يكون المراد من هذه الزينة هو الذي تقدم ذكره في تلك الآية فوجب حمل هذه الزينة على ستر العورة وايضا فقد اجمع المفسرين على ان المراد بالزينة هاهنا لبس الثوب الذي يستر العورة وايضا فقوله : خُذُوا زِينَتَكُمْ امر والأمر للوجوب فثبت أن أخذ الزينة واجب وكل ما سوى اللبس فغير واجب فوجب حمل الزينة على اللبس عملا بالنص بقدر الإمكان.
إذا عرفت هذا فنقول : قوله : خُذُوا زِينَتَكُمْ امر وظاهر الأمر للوجوب فهذا يدل على وجوب ستر العورة عنه اقامة كل صلاة وهاهنا سؤالان :
السؤال الاول : انه : تعالى عطف عليه قوله : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ولا شك ان ذلك امر اباحة فوجب ان يكون قوله : خُذُوا زِينَتَكُمْ امر اباحة ايضا وجوابه : انه لا يلزم من ترك الظاهر في المعطوف تركه في المعطوف عليه وايضا فالأكل والشرب قد يكونان واجبين ايضا في الحكم :
السؤال الثاني : ان هذه الآية نزلت في المنع من الطواف حال العربي.
والجواب : انا بينا في اصول الفقه ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
إذا عرفت هذا فنقول : قوله : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يقتضي وجوب اللبس التام عند كل صلاة لان اللبس التام هو الزينة ترك العمل به في القدر الذي لا يجب ستره من الأعضاء اجماعا فبقي الباقي داخلا تحت اللفظ وإذا ثبت ان ستر العورة واجب في الصلاة وجب ان تفسد الصلاة عند تركه لان تركه يوجب ترك المأمور به وترك المأمور به معصية والمعصية توجب العقاب على ما شرحنا هذه الطريقة في الأصول.
المسألة الثالثة : تمسك اصحاب ابي حنيفة بهذه الآية في مسألة ازالة النجاسة بماء الورد فقالوا : أمرنا بالصلاة في قوله : أَقِيمُوا الصَّلاةَ [الانعام : ٧٢] والصلاة عبارة عن الدعاء وقد اتى بها والإتيان بالمأمور به يوجب الخروج عن العهدة فمقتضى هذا الدليل ان لا تتوقف صحة الصلاة على ستر العورة الا انا أوجبنا هذا المعنى عملا بقوله تعالى : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ولبس الثوب المغسول بماء الورد على أقصى وجوه النظافة أخذ الزينة فوجب ان يكون كافيا / في صحة الصلاة.
وجوابنا : ان الالف واللام في قوله : أَقِيمُوا الصَّلاةَ ينصرفان إلى المعهود السابق وذلك هو عمل الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم لم قلتم ان الرسول عليه الصلاة والسلام صلى في الثوب المغسول بماء الورد؟ واللّه اعلم.
اما قوله تعالى : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا فاعلم انا ذكرنا ان اهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من الطعام في ايام حجهم الا القليل وكانوا لا يأكلون الدسم يعظمون بذلك حجهم فأنزل اللّه تعالى هذه الآية لبيان فساد تلك الطريقة.
والقول الثاني : انهم كانوا يقولون ان اللّه تعالى حرم عليهم شيئا مما في بطون الانعام فحرم عليهم البحيرة


الصفحة التالية
Icon