مفاتيح الغيب، ج ١٤، ص : ٢٣٧
حَتَّى كتبت بالياء لأنها على اربعة أحرف فأشبهت سكرى. وقال بعض النحويين : لا يجوز امالة حَتَّى لأنها حرف لا يتصرف والإمالة ضرب من التصرف.
المسألة الثانية : قوله : حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ فيه قولان :
القول الاول : المراد هو قبض الأرواح لان لفظ الوفاة يفيد هذا المعنى. قال ابن عباس الموت قيامة الكافر فالملائكة يطالبونهم بهذه الأشياء عند الموت على سبيل الزجر والتوبيخ والتهديد وهؤلاء الرسل هم ملك الموت وأعوانه.
والقول الثاني : وهو قول الحسن واحد قولي الزجاج ان هذا لا يكون في الآخرة ومعنى قوله : حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا اي ملائكة العذاب يَتَوَفَّوْنَهُمْ اي يتوفون مدتهم عند حشرهم الى / النار على معنى انهم يستكملون عدتهم حتى لا ينفلت منهم احد.
المسألة الثالثة : قوله : أَيْنَ ما كُنْتُمْ معناه اين الشركاء الذين كنتم تدعونهم وتعبدونهم من دون اللّه.
ولفظة «ما» وقعت موصولة باين في خط المصحف. قال صاحب «الكشاف» : وكان حقها ان تفصل لأنها موصولة بمعنى : اين الآلهة الذين تدعون.
ثم انه تعالى حكى عنهم انهم قالوا : ضَلُّوا عَنَّا اي بطلوا وذهبوا وشهدوا على أنفسهم انهم كانوا كافرين عند معاينة الموت.
واعلم ان على جميع الوجوه فالمقصود من الآية زجر الكفار عن الكفر لان التهويل يذكر هذه الأحوال مما يحمل العاقل على المبالغة في النظر والاستدلال والتسدد في الاحتراز عن التقليد.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٣٨ إلى ٣٩]
قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩)
اعلم ان هذه الآية من بقية شرح احوال الكفار وهو انه تعالى يدخلهم النار.
اما قوله تعالى : قالَ ادْخُلُوا ففيه قولان : الاول : ان اللّه تعالى يقول ذلك. والثاني : قال مقاتل : هو من كلام خازن النار وهذا الاختلاف بناء على انه تعالى هل يتكلم مع الكفار أم لا وقد ذكرنا هذه المسألة بالاستقصاء.
اما قوله تعالى : ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ ففيه وجهان :
الوجه الاول : التقدير : ادخلوا في النار مع امم وعلى هذا القول ففي الآية إضمار ومجاز اما الإضمار فلانا اضمرنا فيها قولنا : في النار. واما المجاز فلانا حملنا كلمة «في» على «مع» لأنا قلنا معنى قوله : فِي أُمَمٍ اي مع امم.
والوجه الثاني : ان لا يلتزم الإضمار ولا يلتزم المجاز والتقدير : ادخلوا في امم في النار ومعنى


الصفحة التالية
Icon