مفاتيح الغيب، ج ١٤، ص : ٢٦٢
واما القسم الثاني : وهو انه يقبل القسمة فنقول : كل ما كان كذلك فذاته مركبة وكل مركب فهو ممكن لذاته وكل ممكن لذاته فهو مفتقر إلى الموجد والمؤثر وذلك على الإله الواجب لذاته محال.
البرهان السابع : ان نقول : كل ذات قائمة بنفسها مشارا إليها بحسب الحس فهو منقسم وكل منقسم ممكن فكل ذات قائمة بنفسها مشار إليها بحسب الحس فهو ممكن. فما لا يكون ممكنا لذاته بل كان واجبا لذاته امتنع كونه مشارا اليه بحسب الحس.
اما المقدمة الاولى : فلان كل ذات قائمة بالنفس مشار إليها بحسب الحس فلا بد وان يكون جانب يمينه مغايرا لجانب يساره وكل ما هو كذلك فهو منقسم.
واما المقدمة الثانية : وهي ان كل منقسم ممكن فانه يفتقر إلى كل واحد من اجزائه وكل واحد من اجزائه غيره وكل منقسم فهو مفتقر إلى غيره وكل مفتقر إلى غيره فهو ممكن لذاته.
واعلم ان المقدمة الاولى من مقدمات هذا الدليل انما تتم بنفي الجوهر الفرد.
البرهان الثامن : لو ثبت كونه تعالى في حيز لكان اما ان يكون أعظم من العرش او مساويا له او أصغر منه فان كان الاول كان منقسما لان القدر الذي منه يساوي العرش يكون مغايرا للقدر الذي يفضل على العرش وان كان الثاني كان منقسما لان العرش منقسم والمساوي للمنقسم منقسم وان كان الثالث فحينئذ يلزم ان يكون العرش أعظم منه وذلك باطل بإجماع الامة اما عندنا / فظاهر واما عند الخصوم فلانهم ينكرون كون غير اللَّه تعالى أعظم من اللَّه تعالى فثبت ان هذا المذهب باطل.
البرهان التاسع : لو كان الإله تعالى حاصلا في الحيز والجهة لكان اما ان يكون متناهيا من كل الجوانب واما ان لا يكون كذلك والقسمان باطلان فالقول بكونه حاصلا في الحيز والجهة باطل ايضا. اما بيان انه لا يجوز ان يكون متناهيا من كل الجهات فلان على هذا التقدير يحصل فوقه احياز خالية وهو تعالى قادر على خلق الجسم في ذلك الحيز الخالي وعلى هذا التقدير لو خلق هناك عالما آخر لحصل هو تعالى تحت العالم وذلك عند الخصم محال وايضا فقد كان يمكن ان يخلق من الجوانب الستة لتلك الذات أجساما اخرى وعلى هذا التقدير فتحصل ذاته في وسط تلك الأجسام محصورة فيها ويحصل بينه وبين الأجسام الاجتماع تارة والافتراق اخرى وكل ذلك على اللَّه تعالى محال.
واما القسم الثاني : وهو ان يكون غير متناه من بعض الجهات فهذا ايضا محال لأنه ثبت بالبرهان انه يمتنع وجود بعد لا نهاية له وايضا فعلى هذا التقدير لا يمكن اقامة الدلالة على ان العالم متناه لان كل دليل يذكر في تناهي الابعاد فان ذلك الدليل ينتقض بذات اللَّه تعالى فانه على مذهب الخصم بعد لا نهاية له وهو وان كان لا يرضى بهذا اللفظ الا انه يساعد على المعنى والمباحث العقلية مبنية على المعاني لا على المشاحة في الألفاظ.
البرهان العاشر : لو كان الإله تعالى حاصلا في الحيز والجهة لكان كونه تعالى هناك اما ان يمنع من حصول جسم آخر هناك او لا يمنع والقسمان باطلان فبطل القول بكونه حاصلا في الحيز.
اما فساد القسم الاول : فلانة لما كان كونه هناك مانعا من حصول جسم آخر هناك كان هو تعالى مساويا


الصفحة التالية
Icon