مفاتيح الغيب، ج ١٤، ص : ٢٦٤
باطلان فبطل القول بكونه حاصلا في الحيز.
اما القسم الاول : وهو انه يمكنه ان يتحرك فنقول : هذه الذات لا تخلو عن الحركة والسكون وهما محدثان لان على هذا التقدير السكون جائز عليه والحركة جائزة عليه ومتى كان كذلك لم يكن المؤثر في تلك الحركة ولا في ذلك السكون ذاته والا لامتنع طريان ضده والتقدير : هو تقدير انه يمكنه ان يتحرك وان يسكن وإذا كان كذلك ان المؤثر في حصول تلك الحركة وذلك السكون هو الفاعل المختار وكل ما كان فعلا لفاعل مختار فهو محدث فالحركة والسكون محدثان وما لا يخلو عن المحدث فهو محدث فيلزم ان تكون ذاته تعالى محدثة وهو محال.
واما القسم الثاني : وهو انه يكون مختصا بحيز وجهة مع انه لا يقدر ان يتحرك عنه فهذا ايضا محال لوجهين : الاول : ان على هذا التقدير يكون كالزمن المقعد العاجز وذلك نقص وهو على اللَّه محال.
والثاني : انه لو لم يمتنع فرض موجود حاصل في حيز معين بحيث يكون حصوله فيه واجب التقرر ممتنع الزوال لم يبعد ايضا فرض أجسام اخرى مختصة باحياز معينة بحيث يمتنع خروجها عن تلك الاحياز وعلى هذا التقدير فلا يمكن اثبات حدوثها بدليل الحركة والسكون والكرامية يساعدون على انه كفر. والثالث : انه تعالى لما كان حاصلا في الحيز والجهة كان مساويا للأجسام في كونه متحيزا شاغلا للاحياز ثم نقيم الدلالة المذكورة على ان المتحيزات لما كانت متساوية في صفة التحيز وجب كونها متساوية في تمام الماهية لأنه لو خالف بعضها بعضا لكان ما به المخالفة اما ان يكون حالا في المتحيز او محلا له او لا حالا ولا محلا والأقسام الثلاثة باطلة على ما سبق وإذا كانت متساوية في تمام الماهية فكما ان الحركة صحيحة على هذه الأجسام وجب القول بصحتها على ذات اللَّه تعالى وحينئذ يتم الدليل.
الحجة الثانية عشرة : لو كان تعالى مختصا بحيز معين لكنا إذا فرضنا وصول انسان إلى طرف ذلك الشيء وحاول الدخول فيه فاما ان يمكنه النفوذ والدخول فيه او لا يمكنه ذلك فان كان الاول كان كالهواء اللطيف والماء اللطيف وحينئذ يكون قابلا للتفرق والتمزق وان كان الثاني كان صلبا كالحجر الصلد الذي لا يمكنه النفوذ فيه فثبت انه تعالى لو كان مختصا بمكان وحيز وجهة لكان اما ان يكون رقيقا سهل التفرق والتمزق كالماء والهواء واما ان يكون صلبا جاسئا كالحجر الصلد وقد اجمع المسلمون على ان اثبات هاتين الصفتين في حق الإله كفر والحاد في صفته وايضا فبتقدير ان يكون مختصا بمكان وجهة لكان اما ان يكون نورانيا وظلمانيا وجمهور المشبهة يعتقدون انه نور محض لاعتقادهم ان النور شريف والظلمة خسيسة الا ان / الاستقراء العام دل على ان الأشياء النورانية رقيقة لا تمنع النافذ من النفوذ فيها والدخول فيما بين اجزائها وعلى هذا التقدير فان ذلك الذي ينفذ فيه يمتزج به ويفرق بين اجزائه ويكون ذلك الشيء جاريا مجرى الهواء الذي يتصل تارة وينفصل اخرى ويجتمع تارة ويتمزق اخرى وذلك مما لا يليق بالمسلم ان يصف اله العالم به ولو جاز ذلك فلم لا يجوز ان يقال ان خالق العالم هو بعض هذه الرياح التي تهب؟ او يقال انه بعض هذه الأنوار والأضواء التي تشرق على الجدران؟ والذين يقولون انه لا يقبل التفرق والتمزق ولا يتمكن النافذ من النفوذ فانه يرجع حاصل كلامهم إلى انه حصل فوق العالم جبل صلب شديد واله هذا العالم هو ذلك الجبل الصلب الواقف في الحيز العالي وايضا فان كان له طرف وحد ونهاية فهل حصل لذلك الشيء عمق وثخن او


الصفحة التالية
Icon