مفاتيح الغيب، ج ٢٥، ص : ١٧٧
كالمملوكات له ولا يجب القسم بين المملوكات، والإرجاء التأخير والإيواء الضم وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ يعني إذا طلبت من كنت تركتها فلا جناح عليك في شيء من ذلك ومن قال بأن القسم كان واجبا مع أنه ضعيف بالنسبة إلى المفهوم من الآية قال المراد : تُرْجِي مَنْ تَشاءُ أي تؤخرهن إذا شئت إذ لا يجب القسم في الأول وللزوج أن لا ينام عند أحد منهن، وإن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك فابدأ بمن شئت وتمم الدور والأول أقوى.
ثم قال تعالى : ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ.
يعني إذا لم يجب عليك القسم وأنت لا تترك القسم تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ لتسويتك بينهن وَلا يَحْزَنَّ بخلاف ما لو وجب عليك ذلك، فليلة تكون عند إحداهن تقول ما جاءني لهوى قلبه إنما جاءني لأمر اللّه وإيجابه عليه وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ من الإرجاء والإيواء إذ ليس لهن عليك شيء حتى لا يرضين.
ثم قال تعالى : وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً.
أي إن أضمرن خلاف ما أظهرن فاللّه يعلم ضمائر القلوب فإنه عليم، فإن لم يعاتبهن في الحال فلا يغتررن فإنه حليم لا يعجل. ثم قال تعالى :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٢]
لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢)
لما لم يوجب اللّه على نبيه القسم وأمره بتخييرهن فاخترن اللّه ورسوله ذكر لهن ما جازاهن به من تحريم غيرهن على النبي عليه السلام ومنعه من طلاقهن بقوله : وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قوله : لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ قال المفسرون من بعدهن والأولى أن يقال لا يحل لك النساء من بعد اختيارهن اللّه ورسوله ورضاهن بما يؤتيهن من الوصل والهجران والنقص والحرمان.
المسألة الثانية : قوله : وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ يفيد حرمة طلاقهن إذ لو كان جائزا لجاز أن يطلق الكل، وبعدهن إما أن يتزوج بغيرهن أولا يتزوج فإن لم يتزوج يدخل في زمرة العزاب والنكاح فضيلة لا يتركها النبي، وكيف وهو يقول :«النكاح سنتي»
وإن تزوج بغيرهن يكون قد تبدل بهن وهو ممنوع من التبدل.
المسألة الثالثة : من المفسرين من قال بأن الآية ليس فيها تحريم غيرهن ولا المنع من طلاقهن بل المعنى أن لا يحل لك النساء غير اللاتي ذكرنا لك من المؤمنات المهاجرات من بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك، وأما غيرهن من الكتابيات فلا يحل لك التزوج بهن وقوله : وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ منع من شغل الجاهلية فإنهم كانوا يبادلون زوجة بزوجة فينزل أحدهم عن زوجته وبأخذ زوجة صديقه ويعطيه زوجته، وعلى التفسيرين وقع خلاف في مسألتين إحداهما : حرمة طلاق زوجاته والثانية : حرمة تزوجه بالكتابيات فمن فسر على الأول حرم الطلاق ومن فسر على الثاني حرم التزوج بالكتابيات.
المسألة الرابعة : قوله : وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ أي حسن النساء قال الزمخشري قوله : وَلَوْ أَعْجَبَكَ


الصفحة التالية
Icon