مفاتيح الغيب، ج ٣٠، ص : ٧١٤
المسألة الثانية : قال الواحدي : ألف إحدى مقطوع ولا تذهب في الوصل. وروي عن ابن كثير أنه قرأ إنها لإحدى الكبر بحذف الهمزة كما يقال : ويلمه، وليس هذا الحذف بقياس والقياس التخفيف وهو أن يجعل بين بين.
المسألة الثالثة : قال صاحب «الكشاف» : الكبر جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتاء التأنيث فكما جمعت فعلة على فعل جمعت فعلى عليها ونظير ذلك السوافي جمع السافياء وهو التراب الذي سفته الريح، والقواصع في جمع القاصعاء كأنهما جمع فاعلة.
المسألة الرابعة : إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ يعني أن سقر التي جرى ذكرها لإحدى الكبر والمراد من الكبر دركات جهنم، وهي سبعة : جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم والهاوية، أعاذنا اللّه منها.
[سورة المدثر (٧٤) : آية ٣٦]
نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦)
نذيرا تمييز من إحدى على معنى أنها لإحدى الدواهي إنذارا كما تقول هي إحدى النساء عفافا، وقيل : هو حال، وفي قراءة أبي نذير بالرفع خبر أو بحذف المبتدأ. ثم قال تعالى :
[سورة المدثر (٧٤) : آية ٣٧]
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في تفسير الآية وجهان الأول : أَنْ يَتَقَدَّمَ في موضع الرفع بالابتداء ولِمَنْ شاءَ خبر مقدم عليه كقولك : لمن توضأ أن يصلي، ومعناه التقدم والتأخر مطلقان لمن شاءهما منكم، والمراد بالتقدم والتأخر السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو في معنى قوله : فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف :
٢٩] الثاني : لمن شاء بدل من قوله لِلْبَشَرِ والتقدير : إنها نذير لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، نظيره وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ [آل عمران : ٩٧].
المسألة الثانية : المعتزلة احتجوا بهذه الآية على كون العبد متمكنا من الفعل غير مجبور عليه وجوابه :
أن هذه الآية دلت على أن فعل العبد معلق على مشيئته، لكن مشيئة العبد معلقة على مشيئة اللّه تعالى لقوله :
وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الإنسان : ٣٠] وحينئذ تصير هذه الآية حجة لنا عليهم، وذكر الأصحاب عن وجه الاستدلال بهذه الآية جوابين آخرين الأول : أن معنى إضافة المشيئة إلى المخاطبين التهديد، كقوله : فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف : ٢٩] الثاني : أن هذه المشيئة للّه تعالى على معنى لمن شاء اللّه منكم أن يتقدم أو يتأخر.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٨ إلى ٣٩]
كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩)
قال صاحب «الكشاف» : رهينة ليست بتأنيث رهين في قوله : كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ [الطور :


الصفحة التالية
Icon