المبحث الثالث:
بيان علماء القراءات للأسانيد الضعيفة والواهية
لما كانت صحة السند وسلامته من الضعف والانقطاع من أهم أركان القراءة الصحيحة، أجتهد علماء القراءات في تنقيح أسانيدهم التي نقلوا بها القراءات والروايات والطرق، حالهم في ذلك حال رجال الحديث، وإلى ذلك أشار ابن الجزري بقوله: ((وإذا كانت صحة السند من أركان القراءة كما تقدم تعين أن يعرف حال رجال القراءات كما يعرف أحوال رجال الحديث)) (١) فميزوا الصحيح من السقيم، والمقبول من المردود، وكشفوا الضعفاء والكذابين، والمجهولين، والمدلسين، وقيدوا تاريخ الرواة ومواطنهم، وأبانوا عن مواليدهم ووفياتهم، وأوقات أخذهم وتلقيهم، وزمن غفلتهم واختلاطهم، وغير ذلك مما عني به علماء الجرح، والتعديل.
وقد ألزم الحافظ ابن الجزري كل من تصدر للاقراء بمعرفة ذلك فقال: ((ولابد للمقرئ من التنبيه بحال الرجال والأسانيد مؤتلفها ومختلفها وجرحها وتعديلها، ومتقنها ومغفلها، وهذا من أهم ما يحتاج إليه وقد وقع لكثير من المتقدمين في أسانيدهم أوهام وغلطات عديدة من إسقاط رجال، وتسمية آخرين بغير أسمائهم وتصاحيف وغير ذلك)) (٢).
فقيام علماء القراءات بتمحيص أسانيدهم والكشف عن حال رجالها فيه صون لكتاب الله عز وجل من دخول روايات وطرق ضعيفة أو مكذوبة،

(١) النشر: ١/٢٩٣.
(٢) منجد المقرئين: ٦.


الصفحة التالية
Icon