ج١ص١٥٨
مالك لما فيها من الشبه الإهمالي فتدبر. قوله :( ولذلك إلخ ) قد عرفت أنه تعليل لكونها غير مبنية وهذا ما ذهب إليه من تقدمه من أهل العربية، فإنهم جوّزوا التقاء الساكنين في الوقف، ولو على غير حدة ولم يجوّزوه في غيره كحالة البناء فسكون هذه الأسماء سكون وقف لا بناء، ولا يرد عليه حيث وجير وغيرهما من المبنيات مما إذا وقف عليه سكن نعم من يقول إنه بناء عارض وهو يجوز فيه ذلك لاشيقول بما ذكره المصنف كما مرّ، والاعتراض على هذا بأنه قياس بغيو جامع في اللغة ظاهر السقوط.
قوله :( ثم إنّ مسمياتها إلخ ) شروع في تفسيرها وتوجيه افتتاح السور بها، وقد ذكر في الكشاف وجوهاً ثلاثة أوّلها أنها أسماء للسور، والثاني الإيقاظ، والثالث أنها مقدمة لدلائل الإعجاز، والمصنف وحمه الله ذكر الأخيرين وأخر الأوّل، وأورده بقيل، ثم أورد بلا يقال وجوها أربعة مزيفة، ثم أورد أربعة أخرى بصيغة التمريض فالوجوه أحد عشر، وما ذكر من الوجهين يشتركان في الإشارة إلى أمارة الإعجاز ويفترقان بأنّ الأوّل بالنظر إلى حال الكلام المنزل، والثاني بالنظر إلى حال المتكلم به، والعنصر بضم العين وسكون النون وضم الصاد المهملة، وقد يفتح للتخفيف ووزنه فنعل، ويحتمل أن يكون فعلل على ما بين فالصرف ومعناه الأصل وهو المراد هنا، وبسائط جمع بسيطة وهي الحروف المفردة فقوله التي تركب منها تفسير له فمن قال إنه جمع بسيطة بمعنى مبسوطة وهي المنثورة لم يصب المحز، وعطف بسائطه تفسيري أيضاً، وقوله بطائفة منها أي من الأسماء إذ هي المفتتح بها، وليس فيه تفكيك الضمائر المحذور لظهور القرينة عليه، وتعريف السور للعهد أي التي افتتحت بالحروف، وفي نسخة السورة بتاء الوحدة والأولى أولى رواية ودراية، وأمّا على الثانية فقيل تعريفها للعهد الخارجي، والمعهود سورة البقرة لا للاستغراق لأنّ من السور ما لم يفتتح بطائفة منها مثل ص وق. ويحتمل العهد الذهني على تقدير أنّ المصنف قدّم هذا الوجه لأنه الأصل الأظهر ولطوله فلو أخر أتى بعد ذهاب النشاط فقد لا يحيط به السامع خبرا، وحاصله أنّ المراد بها إمّا مسماها من الحروف المقطعة أو لا، وعلى الأوّل فالافتتاح بها وتخصيص البعض به في أبلغ الكلام لا بد له من وجه فوجه الأوّل بوجهين ولم يجعل كلاً منهما تأويلاً مستقلاً كما فعله الزمخشريّ قصرا للمسافة لتقاربهما واتحادهما مآلا، ثم إنّ بعض أرباب الحواشي أورد هنا ما في الكشاف من السؤال عن رسمها على صور الحروف بأنفسها دون صور أساميها وما أجاب به من أنه مبنيّ على ما. جرت به العادة المألوفة من أنه يقال للكاتب إذا أملى عليه اكتب باء جيم فيكتب مسماها هكذاب ح. ولكونه مع اختصاره مأمون الليس، ولأنّ خط المصحف كخط العروضيين سنة متبعة لا يلتزم أن يجري على قياس الرسم، ولم يتنبه لأنّ هذا إنما يتجه على الوجه الآتي وهو كونها اسماً للسورة، فإنها إذا قصد بها الحروف أنفسها فالمعروف أن تكتب كما هنا إلا أنها في غير المصحف تكتب غير متصلة، فيقال هجاء ضرب ض رب وغفل أيضاً عن إيراد العلامة له ثمة وقوله : استمرّت العادة لمن تهجى أن يلفظ بالأسماء، وتقع في الكتابة الحروف أنفسها. قوله :( إيقاظاً لمن تحدّى بالقرآن ) الإيقاظ مصدر أيقظه إذا نبهه من نومه والتنبه منه يقظة بفتحات وتسكين القاف في قوله :
فالعمرنوم والمنية يقظة والمرءبينهما خيال ساري
ضرورة وقيل إنه جائز سعة، وتحدى بصيغة المجهول من التحدي وهو طلب المعارصة
أو المعارضة نفسها كما تقدم أي ليوقظ من تحداه، وعارضه من نومة الغفلة، فينبهه على أنّ ما تلي عليه منظم مما تركب منه كلامهم فعجزهم عن معارضته مع علوّ كعبهم في صناعة الكلام ليس إلا لأنه من غير جنس كلام البشر لأنّ ما فيه من الخواص، والمزايا خارج عن طوقهم، والتظاهر التعاون وأصله أن يسند كل إلى ظهر آخر، ويدانيه بمعنى يقاربه، فإن قيل إعجاز القرآن ليس بتركيب الحروف بل بتركيب الكلمات التي يكون المركب منها معجزاً بمطابقته لمقتضى الحال، فاللائق بما ذكر سرد ما يتركب منه الكلام، وهو الكلمات لا الحروف قيل المراد أن يذكر المادّة التي تتركب منها الكلمة وهي الحروف ومادة الكلام، وهي الكلم أنفسها معاً غير أنه اكتفي بالأول لظهور أن القدرة على الحروف وحدها لا تفي بأداء ما هو بصدده من الإتيان بكلام بليغ