ج١ص١٦٢
الخبر أو لتأويلها بالنوع، والمهموسة اسم مفعول من همست الكلام، وهو متعد من باب ضرب ومصدر. الهمس، وهو في اللغة مقابل للجهر وفسر بالإخفاء كما فسر الجهر بالإعلان، وقيل معناه الخفاء وفي الصحاح الهمس الصوت الخفيّ، والظاهر أنّ حقيقته إخفاء الصوت لا المطلق ثم توسع فيه فأطلق على الخفاء، وتجوّز فيه فأطلق على المهموس نفسه وصار حقيقة فيه، ويوصف به
الكلام والحروف، وتقول العرب ما سمعت له همسا ولا خرساً وهما الخفيّ من الصوت لأنه المسموع قال تعالى :﴿ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾ [ طه : ١٠٨ ] وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف بقوله ما يضعف إلخ وعليه النحاة وأهل الأداء تبعا لما في كتاب سيبويه حيث قال المهموس حرف ضعيف الاعتماد في موضعه حتى جرى معه النفس، ولم ينقطع جريه حتى أمكن أن يتلفظ به ويتنفس فلذا سميت بذلك لجريان النفس معها لضعفها، وضعف الاعتماد عليها في مخارجها قيل وجعل الضعفين علة للجريان أولى من ضمهما إليه وجعل المجموع علة للتسمية ومن ضم الأول خاصة وجعل الثاني بانفراده علة للجريان فتأمّلء قوله :( ستثحثك خصفه ) هو تركيب لجمع الحروف المذكورة وضبطها ليسهل استحضارها كقولهم : فحثه شخص سكت ونحوه والسين هنا حرف تنفيس ويشحث بمعنى يلح في السؤال ومثله يكدي وبه فسر في حواشي الكشاف والمكدي السائل وليس لحنا أو مغيراً من محدي، وهو طالب الحداء كما توهمه الحريريّ في الدرة ولا معربا من كدال كردن كما توهمه بعض فضلاء العصر بل هو عربيّ صحيح استعمله من يوثق به، وذكر. الراغب في مفرفى اته، ومن قولهم يستحث أخذ شحاث للسائل الملح وسمي شحاثة برنة ثلاثة، وقال ابن برّي : كغيره أنه محرف من شحاذ فالعلم شحاذة أيضا، وفي القاموس الشحاث للشحاذ من لحن العوام، وأصل الشحذ السن فاسنعير لإلحاح السائل، وقد صحح لغة على أنه من الأبدال، فإنّ الذال تبدل ثاء فلا غلط فيه، وخصفه بفتحات علم ويكون بمعنى سلة التمر وورد في الحديث بمعنى الحصير، وهو المعروف في الاستعمال اليوم، ولو فسر بما ذكر هنا كان أظهر أي ستطلب منك ما ذكر، وما قيل من أنه لا يبعد أن يكون يشحث ماخوذا من شحثاً، وهي كلمة سريانية يفتح بها المغاليق بغير مفتاح أي ستفتح مغاليقك بلا مفتاح خصفه تعسف غير محتاج له، وقوله نصفها بالنصب مفعول لقوله ذكر وقوله الحاء بدل منه، أو عطف بيان تفسير له. قوله :( ومن البواقي المجهورة ) معطوف على قوله من المهموسة إلخ والمجهورة اسم مفعول من جهر الشيء يجهر بفتحتين ظهر، وأجهرته بالألف أظهرته يتعدى بنفسه، وبالباء أيضاً فيقال : جهرته وجهرت به كما في المصباح، ولم يعرّف المصنف المجهورة لأنّ ذلك عرف من جعلها مقابلة للمهموسة، فهي ما يقوي الاعتماد على مخرجه ولذلك كان مجهورا لأنه لا يخرج إلا بصوت قويّ يمنع النفس من الجري معه، وهي ثمانية عشر حرفاً، رالمذكور منها نصفها تحقيقاً وهي تسعة أحرف معروفة، وبهذا علم حدها وعدها. قوله :( ومن الشديدة الثمانية ) الذي ذكره النحاة، وأهل الأداء من القراء إنّ الحروف إمّا شديدة أو رخوة أو متوسطة بينهما، وسموها بينية نسبة إلى بين بمعنى التوسط وقالوا معنى الشدة على ما ذكره سيبويه امتناع الصوت أن يجري في الحروف، فلو رمت مد صوتك في القاف والجيم مثلاً نحو الحق والحج لامتنع عليك، والشديدة هي
ثمانية المذكورة والمتوسطة بين الشديدة والرخوة فيها خلاف بين النحاة والقراء، فأكثر النحاة على أنها ثمانية يجمعها لم يروعنا أو ولينا عمر، وأكثر القراء على أنها خمسة وهي حروف لن عمر أي كن لينا يا عمر وما عداهما رخوة والرخوة صفة مشبهة مصدرها الرخاوة، ومعناها اللين الذي هو ضدّ الشذة، وقالوا الرخوة حروف ضعف الاعتماد عليها في مواضعها، فجرى معها الصوت فكأنها تلين عند النطق بها، وفي البينية يجري بعض الصوت معها وينحصر بعضه فإن قلت هل بين المجهورة، والشديدة فرق أم لا قلت : قد فرقوا بينهما باعتبار عدم جري النفس في المجهورة وعدم جري الصوت في الشديدة، وكذا الف ق بين الهمس والرخاوة أنّ الجاري في الهمس النفس، وفي الرخاوة الصوت كما في شروح التسهيل والثافية، وقد يجري النفس ولا يجري الصوت كما في الكاف والتاء، وقد يجري الصوت، ولا يجري النفس كالغين والضاد المعجمتين


الصفحة التالية
Icon