ج١ص١٧٠
والبسملة مغنية عنه مع أنه لا يتأتى على القول بأنها آية من كل سورة وقطرب لقب لإمام في العربية، وهو صحمد بن المستنير تلميذ سيبويه، وهو الذي لقبه به لما كان يبكر إليه فيقول له ما أنت إلا قطرب ليل والقطرب اسم دويبة لا تزال تمشي ليلاً وتسكن نهارا، ولذا أطلقه الأطباء على نوع من الجنون. قوله :( اقتصرت عليها، ألخ ) هكذا وقع في النسخ وقد قيل : إنه سهو لأنه مجهول وعليها قائم مقام فاعله أي وقع الاقتصار عليها اقتصار الشاعر في قوله إلخ ولا يصح أن يقال مرّت بهند بتأنيث المجهول لتأنيث المجرور وقد سبقه إلى هذا في المطوّل في قول الخطيب في بحث الفصاحة صوحبت معها، فذكر ما هنا بعينه، وليس كما قالوه فإنّ مثله جائز، ولم يشتهر استعماله وقد قرآه مجاهد في قراءة شاذة : في توله تعالى ﴿ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً ﴾ [ التوبة : ٦٦ ] كما سيأتي تفصيله ثمة قال ابن جني في المحتسب : عن مجاهد إن تعف عن طائفة بالتاء في تعف، والوجه يعف بالياء لتذكير الظرف ولقولك قصدت هند وقصد إليها لكنه حمل على. المعنى كإنه قال : تسامح وترحم وزاد في الأنس تأنيث تعذب بعده اهـ وهنا أيضاً يحمل على معنى أفردت، وفيه دليل على أنّ المحل للمجرور وأنه المسند إليه في الحقيقة وإذا اكتسب المضاف التأنيث من المضاف إليه، فلا يعد في اكتساب الظرف التأنيث من مجروره والمعترض غافل عن هذا كله، وهذا شروع في إيراده وجوه ضعيفة وردها والمراد بقوله للتنبيه تنبيه المخاطب للكلام الملقى إليه حتى يصغي له مثل ألا وأما في حروف الاستفتاج.
وقوله ملى انقطاع كلام متعفق بالدلالة، وقيل بالتنبيه وعطف الدلالة تفسيرفي، ولا يبعد تنازعهما له، وما نقله المصنف عن ضقطرب نقل عنه في البحر ما يخالفه، أو إشارة معطوفة على مزيدة. قوله :( قلت لها قفي فقالت قاف ) هذا من أبيات الكتاب، وهو من رجز للوليد بن
المغيرة عامل عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قاله يخاطب به عديّ بن حاتم، وقد نزل معه لما امتحصه عثمان رضي الله عنه، وقد اتهم بشرب الخمر في قصة مشهورة في التواريغ فقال : قلت لهاقفي فقالت قاف لاخباشدنسينا الإيجاف والنشوات من معتق صاف وعزف قينات علينا عزاف
إلخ وقيل إنّ الصواب ما أورده ابن جني رحمه الله في الخصائص وهو هكذا.
قلت لها قفي لنا قالت قاف
فإنّ ما في نسخ القاضي محزف، وغير موزون وليس كما قاله فإنّ عروض هذا لت قاف
وزنه فعلن، وهو أحد أعاريض الرجز، وهم يكثرون زحافه، ولا يبالون به حتى ذهب كثيرون إلى أنّ الرجز ليس بشعر، وليس هذا محل تفصيله، والإيجاف سرعة سير الخيل. قوله :( كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ) قيل هذا إنما روي عن أبي العالية كما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وروايته عن أبي العالية لا تمنع روايته عن غيره، والآلاء بوزن أفعال ممدود مهموز الأوّل والآخر، ومعناه النعم وهو جمع واحده إلى، وفيه لغات فتح الهمزة وسكون اللام، وكسرها وسكون اللام وألو بالفتح والسكون أيضا والى بكسر الهمزة وفتح اللام والقصر كإلى الجازة وقد جوز هذا في قوله تعالى ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [ القيامة : ١٢٣ كما سيأتي واللطف معروف. وقوله :( ملكه ) بضم الميم ويحتمل الكسر قيل المعنى على هذا : أن القرآن يشتمل على آلاء الله ولطفه وملكه، وقيل إنه يحتمل أن يكون المعنى اذكر آلاء الله ولطفه وملكه لتعلم أنّ القرآن من أعظمها إذ لطف بإنزاله على مماليكه رحمة عليهم، وهذا بطريق الرمز والإيماء. قوله :( وعتة أنّ الر إلخ ) في الوجه السابق كل حرف إشارة إلى كلمة، وفي هذا فرّقت حروف الكلمة ونظر إلى المرسوم منها دون الملفوظ فلذا أسقطت الألف، وقد قيل إن المعنى المراد منه أنه إذا جمعت هذه الحروف في الكتابة استنبط منها اسم الرحمن لا إنه إذا تلفظ بها تلفظ بالرحمن إذ لشى هنا همزة بعدها راء مشدّدة تليها حاء ساكنة بعدها ميم مفتوحة وألف ونون، ولبعده أخره المصنف رحمه الله وقد أخرجه مسنداً إلى ابن عباس رضمي اللّه عنهما ابن أبي حاتم كما قاله السيوطي رحمه الله. قوله :) وعنه أنّ الم معناه إلخ ) أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عنه، وهذا كالأوّل في أنه حروف مقطعة من الكلم إلا أنه روعي في الأوّل كون الحرف المأخوذ أوّلاً من كل كلمة، وهذا لم يلاحظ فيه ذلك وقوله ونحو ذلك إلخ كما قيل في الر أنا الله أرى، وفي الممأنا الله أفصل، وهو مروقي عن سعيد بن


الصفحة التالية
Icon