ج١ص١٧٦
لزوم الدور فإن اسمية الجزء للكل موقوفة على وجود الكل، ووجود الكل موقوف على وجود الأجزاء، ومن جملتها الجبزء الذي هو اسم الكل، وهذا دور لأنه توقف الشيء على ما يتوقف عليه فحاصل الجواب ط أن توقف الجزء على الكل إنما هو في وصف الاسمية فيتأخر عن الكل وضعا، وتوقف الكل إنما هو على ذات الجزء لا على وصف اسميته فيتقدم على الكل ذاتا فلا دور. قوله :( والوجه الأؤل أقرب إلخ ) يعني به الوجهين الأوّلين لأنهما عنده وجه واحد كما مرّ لاتحادهما بحسب المراد والفال كما مرّ، وصاحب الكشاف جعل كلاً منهما وجهاً على
حدته، وله وجه، وكونه أقرب إلى التحقيق لظهوره، وعدم التجوّز فيه، وسلامته مما يرد على غيره، ولأنّ كونها أسماء الحروف المقطعة محقق لا محالة بخلاف غير. ، وقيل المراد تحقيق إعجاز القرآن لأنّ الدلالة فيه على التحدي بالقصد الأوّلي بخلاف غيره، وقوله وأوفق للطائف التنزيل لدلالته على الإعجاز قصداً، وعداه باللام، وفي بعضها بلطائف معدّى بالباء، وكل منهما صحيح، وأورد عليه أنّ كل ما ذكر من النكات على الوجه الأوّل ينافي العلمية أيضا، وأجيب بأنّ الانتقال إلى اللطائف على كونها تعدادا للحروف أسرع إذ على تقدير كونها أسماء للسور يتوجه الذهن ابتداء إلى مسماها فربما غفل عن تلك اللطائف لوجوب التوجه إلى المسمى ابتداء، وليس ذلك موجودا على الأوّل لأنّ احتمال الغفلة عنها منتف هناك إذ لا تحصل بدونها فائدة الخطاب فتأمّل. قوله :( وأسلم من لزوم التقل إلخ ( الذي هو الأصل لا سيما في ألفاظ القرآن، وكلمة من هنا للتعليل، ومن التفضيلية مقدّرة، والمعنى أسلم من الوجه الآخر لأجل لزوم النقل في الثاني وليست صلة والاً يلزم سلامة الوجه الثاني أيضا كما أشار إليه بعض الفضلاء فسقط ما قيل من أنه كان الظاهر أن يقول سالم لأنه يقتضي أنّ في الأوّل نقلاَ، وليس كذلك، وكون من غير تفضيلية ظاهر، وأمّا كونها تعليلية فلا حاجة إليه إذ الظاهر أنها صلة لأن سلم يتعدّى بمن فيقال سلم من العيوب، وإذا بنى أفعل مما يتعدّى بمن قد تذكر صلته وتترك من التفضيلية كما وقع في الحديث أقربهما منه لأنّ قرب يتعدى بمن أيضا فتأمّله، وقوله وقوع معطوف على لزوم، وقوله من واضع واحد إشارة إلى أنّ الاشتراك مع تعدد الواضعلا محذور فيه، والاشتراك واقع في بعضها كالم، وهو مناف لمقصود العلمية، وهو التمييز، ثم إنّ الألفاظ وتلك اللطائف، وان وجدت في العلمية لكنها بطريق التبع لا بالقصد الأوّل كما في مختاره فلا ينافي قوله في العلمية سميت بها إشعاراً إلخ، وأمّا كونه مذهب سيبويه، وغيره من المتقدّمين فما صدر عنهم ليس نجص فيه لاحتمال أنهم أرادوا أنها جارية مجراها كما يقولون قرأت بانت سعاد ورويت قفا نبك، وقرأت ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ وإنما نعني ما أوّله واستهلاله ذلك فلما غلب جريانها على الألسنة صارت بمنزلة الاعلام الغالبة فذكرت في باب العلم وأثبت لها أحكامه. قوله :( وقيل إنها أسماء القرآن إلخ ) هذا معطوف على ما عطف عليه قيل الأوّل والمراد بالقرآن مجموعه لا القدر المشترك لاتحاد الاسم فيه، والمسمى بحيث لا يدفع ولا ضير في تعذد الاسم لأنه يدلّ على شرف المسمى، وهذا أخرجه ابن جرير عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد عن تتادة، ولذا قيل إنه أرجح مما اختاره المصنف رحمه الله فإنه لم ينقل عن أحد من السلف. وقوله :( ولذلك أخبر عنها إلخ ( لأنّ المتبادر منهما إرادة الجميع، وأنه عين المبتدأ وان احتمل خلافه والإخبار بالكتاب ظاهر كما
في قوله :﴿ الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾ [ هود : ا ] ونحوه، وأمّا القرآن فقيل إنه عطف تفسيريّ، وفيل إنه إشارة إلى قوله :﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ ﴾ [ النمل : ا ] أو إلى ما في قوله :﴿ الر الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ ﴾ [ الحجر : ا ] وفيه نظر لأنه لم يخبر بالقرآن صريحا كما في الكتاب، وإنما جعلت من آياته في الأوّل، وفي الثاني عطف على ما أضيف إليه الخبر لا على الخبر. قوله :( وقيل إنها أسماء الله إلخ ( أخرجه ابن جرير، وإبن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند صحيح فالمعنى هنا يا الم، وما بعده مستأنف، وقوله :( وبدل عليه أن علياً رضي الثه عتة إلخ ( أخرجه ابن ماجه في تفسيره من طريق نافع بن أبي نعيم القارىء عن فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب أنها سمعت علياً رضي الله عنه يقول يا كهيعص اغفر لي، وقوله :( ولعله أراد إلخ ) تأويل له بتقدير مضاف فيه إذ لا يظهر له معنى مناسب كسائر أسمائه