ج١ص٢٠٠
ظاهرة في العموم فإذا أكدت تقوى ذلك فصار نصاً في العموم فتدبر. قوله :( ولاً يقدم إلخ ) قال قدس سرّه : لما كان المقصود بالنفي ليس هو الريب بل كونه متعلقا له كان مظة لتوهم أن النفي ليس متوجها إلى أصل الريب بل إلى متعلقه الذي هو الظرف فكان ذكره أهمّ، فهلا قدم أجاب العلامة بأن النفي متوجه إلى الريب لا إلى متعلقه، لكن لم يقصد بنفي الريب عته أنه لم يرتب فيه أحد بل قصد إثبات أنه حق وصدق، وأن الريب فيه غير واقع موقعه، ومن المعلوم أنّ هذا القصد لا يقتضي تقديم الظرف، على أن ثمة مانعا منه وهو أنه لو قدم لأفاد معنى بعيداً عن المراد، وهو أنّ الريب ثابت في كتاب آخر لا في هذا الكتاب، وهذا المعنى سواء استقام أو لا لا يناسب المقام إذ لا منازعة فيه، وفي المفتاج أنه لو قدم لدل على أنّ ريباً في سائر كتب الله تعالى، وهو باطل ولا خفاء في اً نه توجيه آخر، وأما لا فيها غول، فإن نظر إلى حاصل المعنى كان قصر الصفة الاغتيال على خمور الدنيا وان روعي القاعدة القائلة بأنّ تقديم المسند يفيد الحصر المستدير قصراً للموصوف على الصفة أي الغول مقصور على عدم الحصول في خمر الجتة لا يتجاوزه إلى عدم الحصول فيما يقابلها أي عدم الغول مقصور على الحصول فيها لا يتجاوزه إلى الحصول في هذه الخمور، والغول الصداع أو مصدر غاله إذا أهلكه، وقد بقي هنا أمور لعل النوبة تفضي إلى بيانها بإذن الله تعالى، وقد أورد على الزمخشريّ أنه لا محذور فيما ذكره لوقوع الريب في كثير من الكتب، وأجيب بأنّ المراد لزوم الريب في الكتب السماوية، وقيل عليه : إنها لما فيها من التحريف محل ريب فلا محذور أيضا وفيه بحث، وقيل : لو قدم لزم نفي حصر الريب فيه فيلزم مشاركته لغيره في الريب، وهذا بناء على أنّ ملاحظة الحصر قبل دخول النفي والأمر بالعكس كما صرّحوا به ( وههنا بحث ) أورده بعض المتأخرين، وهو أنّ لا ريب فيه لا يصح تقديم الخبر فيه إذ لا يجوز لا فيه ويب من غير تكرار لا لأنه إذا فصلى بينها وبين اسمها وجب الرفع والتكرير ولا عديل للمنفي هنا حتى يصح تكريرها أو يقدر، وهذا وان صح في قراءة أبي الشعثاء، فالزمخشريّ ذكره في المشهورة وسوق القاضي على العموم، ورد بأن وجوب تكريرها فيما ذكر ليس متفقاً عليه لذهاب المبرد وابن كيسان إلى جوازه ولا يخفى أنه قول مرجوح عند النحاة، فإنه عندهم ضرورة، على أنه على فرض جوازه غير فصيح، وانكار أبي حيان إفادة تقديم الخبر للحصر هنا مما لا يلتفت إليه، وان أورد في بعض الحواشي. قرله :( أو صفتة إلخ ) معطوف على قوله خبره، وما قيل عليه : من أنّ فيه تفكيك
الضمائر، ولو قال : صفة بدون ضمير كان أوجه لسلامته مما ذكر ليس بشيء لإمكان اتحاد مرجعها كما مرّ، مع / أنّ التفكيك لا محذور فيه إذا ظهر المراد، وذكر في الخبر ثلاثة ا أوجه تقريرها ظاهر من كلام المصنف رحمه اللّه، وحذف الخبر كما في لا ضير أي فيه هو الأفصح الأكثر وقد التزمه بعض العرب وجعله لازما مع القرينة، وحينئذ يصح الوقف على ريب لتط م اللفظة والمعنى قال في المرشد : إن جعلت ( لا ريب ) بمعنى حقا، فالوقف عليه تامّ، ولا حاجة لتقدير فيه ولولاه كان قبيحاً، وقال الإمام : الأولى الوقف على فيه ليكون الكتاب نفسه هدى وقد ورد في آيات كثيرة وصفه بأنه نور أو هدى وفيه نظر، وهذا الوقف لنافع وعاصم، وقوله على أنّ فيه خبر هدى أي لفظ فيه المذكور وخبر لا فيه أخرى مقدرة. قوله :( وهدى نصب إلخ ) ذو الحال ذلك أو الكتاب والعامل على كلا التقديرين اسم الإشارة، ويجوز أن و يكون حالاً من الضمير المجرور في فيه والعامل ما في الظرف من معنى الفعل، وجعل المصدر حالاً على الأوجه المشهورة في أمثاله، وإذا كان العامل فيه ما في هذا من معنى الإشارة فاتحاد عامل الحال وذيها على اشتراطه موجود فيه، وسيأتي إن شاء الله تحقيقه في قوله تعالى :﴿ هَذَا بَعْلِي شَيْخًا ﴾ [ هود : ٧٢ ] فلا نطيل الكلام بذكره. قوله :( وأن يكون ذلك مبتدأ إلخ ) وصف الكتاب بالكامل إيماء إلى أن المقصود من حصر الجنس حصر الكمال، وإلا لم يصح أي لأنه لكماله في بابه ونقصان ما سواه يستحق دون غيره أن يسمى كتابا، كأنه الجنس كله نحو هو الرجل، وهم القوم، وقد مرّ تحقيقه في تقديم الخبر، وأمّا لزوم نقصان غيره من الكتب السماوية فدفع بأنه لعدم الإعجاز، أو استكمال الأحكام الشرعية، ونقصان الفاضل عن الأفضل لا يخرجه عن كونه فاضلاً خصوصاً إذا اقتضى ذلك حكما ومصالح بخلاف الريب، وهو التردّد في أنها من عند اللّه


الصفحة التالية
Icon