ج١ص٢٠٤
باطل أو إبهام الريب في كتب اللّه أو في بعض الصور وهو باطل، وهذا هو الحامل على الوجه الأوّل لئلا يخالف ما مرّ، ومن لم يتنبه لهذا فسر. بالثاني، وفسر السابق بما مرّ، ولك أن تقول ما نحاه الزمخشريّ هو المقصود الأعظم من النظم، وما نحاه السكاكي دفعا لما يوهمه عرض الكلام، فلا منافاة بينهما وأمر الرابعة ظاهر. قوله :( وتخصيص الهدى بالمتقين إلخ ) معطوف على قوله الحذف، فهو من جملة نكات الرابعة والاستئناف فيه بعيد وهذا لا ينافي قوله : وفي كل واحدة منها نكتة بالتوحيد لتعدد لنكات في كل واحدة منها، لأنه جعل مجموع ما في كل واحد واحداً لتعلقه بأمر واحد، وقيل : المعنى أنّ شيئا من تلك الجمل لا يخلو عن نكتة واحدة البتة، وهو لا ينافي الزيادة والمراد بالغاية غاية الهدى وفائدته، وهو الانتفاع به كما مر وقيل المراد بالغاية المآل ومجاز الصيرورة كتسمية العصير خمراً والفرق بينه وبين المشارفة أن مجاز الأول إن حصل على الفور نحو : من قتل قتيلاً فهو مجاز المشارفة، وإن كان بعد زمان فهو مجاز الصيرورة، فمآل الوجهين إلى أنّ المتقي مهتد لكنه علق به الهدى باعتبار المآل مشارفة، أو صيرورة إلا أنه كان الظاهر حينئذ العطف بأو دون الواو، وكونها بمعنى أو بعيد، قيل هما وجه واحد وإنّ قوله باعتبار الغاية بيان لعلاقة المجاز لشموله الصيرورة والمشارفة وتسمية إلخ بيان صنفها، وقيل : إنه حقيقة عنده والمجاز على تقدير حمل المتقين على الدرجة الثالثة للتقوى، لأنه يتقي بذلك الهدى، وقيل أوّله بناء على أنه حقيقة وما بعده مجاز فتدبر. قوله :( إيجازاً وتفخيماً إلخ ) مع ما فيه من حسن المطلع بتصدير سنام القرآن، وأولى الزهراوين
بأشرف عبارة وعبادة، والإيجاز لأنّ أصله الضالين الصائرين للتقوى، وهذه نكتة تجري في كل مجاز، وقيل لأنّ أصله ينفع هداه ولا وجه له، وضمير لشانه للهدى تعظيما له بأنه لا يليق أن يشد إلا إلى أشرف المخلوقين، ومنهم من أرجعه للمتقي بمعنى من هو بصدد التقوى لمدحه وجعله، كأنه متق بالفعل، ولا يرد عليه أنه لا يليق حينئذ إجراء الذين يؤمنون إلخ عليه لأنّ من هو بصدده نزل منزلة المتصف بالفعل مع أن يؤمنون وما بعده مستقبل وفي بعض شروح الكشاف البحث عن مناسبة الكلم المفرد، وان كان أرسخ في البلاغة إلا أنّ ملاحظة الإرتباط فيما بين الجمل أدق، وألطف لأنها في الأغلب بين الجمل باعتبار المعاني العقلية، وفي المفردات باعتبار المعاني الوضعية، ولا شك أنّ الأولى ألطف، وأخفى وهذا منه بناء على أنّ أحكام الفصل، والوصل تجري في المفردات، كما صرّح به عبد القاهر وأن تبادر من كتب المعاني خلافه فتأمّل. قوله :( أمّا موصول بالمتقين إلخ ) ذكر فيه وجوها معلومة من كلامه، والذين يحتمل الرفع والنصب والجرّ على أنه نعت تابع للمتقين، وجوز فيه البدل وعطف البيان، والرفع والنصب على القطع المدحي بتقديرهم، أو أعني ونحوه والابتداء على الاستئناف وأولئك خبره، ثم إنّ الوصف يذكو لأمور كالكشف والتعريف وذلك إذا اتحد مفهومه بمفهوم الموصوف، كالجسم الطويل العريض العميق متحيز، والتمييز إذا كان مفهومها غير مفهوم الموصوف نحو زيد التاجر عندنا، والمدح كما في صفات الباري الذي لا يخفى على أحد ولا يشاركه شيء فيميز عنه، وقد يقصد مدح الصفة نفسها، والدلالة على أنها خصت بالذكر، لأنها أشرف من سائر الصفات كما سيأتي، وفرقوا بين المدح صفة والمدح اختصاصاً بأنّ الوصف في الأوّل أصل، والمدح تبع والثاني بالعكس، وبأنّ المقصود الأصلي من الأوّل إظهار كمال الممدوح، والاستلذاذ بذكره ومن الثاني إظهار أنّ تلك الصفة أحق باستقلال المدح من غيرها إمّا مطلقا أو بحسب المقام، والمصنف قسمها إلى مقيدة وهي ما أفادت قيداً، ومعنى لا يفهم من الموصوف وموضحة وهي بخلافها ومادحة وهي ما لا يقصد به التقييد، ولا الإيضاح وقدم الأولى لأنها الأصل الأغلب. وقوله :( موصول ) أي متصل معنى يدخل فيه النعت المقطوع لأنه تابع حقيقة ومعنى، وإن خرج صورة بخلاف المستأنف، وفي تعبيره بالموصول هنا لطافة لا تخفى لما فيه من التورية. قوله :( إن فسر التقوى إلخ ) قد مرّ أنّ للتقوى معنى لغويا وهو الصيانة أو فرطها وشرعيا، وله مراتب مرّ تحقيقها، وما ذكر هنا خارج عنها بحسب الظاهر، فأمّا أن يكون معنى آخر عرفياً لها، كما ذهب إليه العلامة في شرح الكشاف، والمراد بالعرف فيه عرف أهل اللغة، أو العرف العام