ج١ص٢٠٨
" رأس الأمر الإصلام وعموده الصلاة " ( ٢ ) وأمّا حديث " الزكاة قنطرة الإسلام " ( ٣ ( فأخرجه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه مرفوعاً بسند ضعيف، والعماد الدعامة من عمدت الحائط إذا دعمته والعمود معروف والقنطرة الجسر، وما ارتفع من الأرض وفي كتب الفقه أنّ الجسر ما يوضع ويرفع، والقنطرة ما يحكم كما في فتاوى قاضيخان، فكأنه معنى عرفيّ عندهم والدين الشريعة والإسلام، والإيمان متقاربان والكلام عليهما مفصل في الكتب الكلامية، وكون " الصلاة عماد الدين على التشبيه أو الاستعارة لأنها أشرف أعماله التي لا تسقط فرضيتها إلا نادراً ) الزكاة قنطرة لأنّ مؤدّيها طهر ماله ونفسه وبين خلوصه، والقنطرة كالجسر يستعار للموصل كما قال أبو تمام :
لا يطمع المرء أن يجتاب لجته ~ بالقول ما لم يكن جسراً له العمل
فإن قلت : وقع في الحديث الصحيح المشهور " بني الإسلام على خمس " وعدّ منها الزكاة
فيه، فجعلت ثمة عمادا داخلة وهنا قنطرة خارجة عنه فما النكتة فيه قلت : هو تجوّز لا حجر فيه، فمن حيث أنها من شعائر الإسلام تعدّ ركنا منه ومن حيث أنّ المال بصرفه يجعل بازله داخلاً في الإسلام تعد قنطرة أو ذاك باعتبار من رسخ إصلامه وقدم، وهذا باعتبار من حدث إيمانه فتأمّل. قوله :( أو مسوقة للمدح بما تضمته ) أي المتقون وفي نسخة أو مادحة بما تضمنه، والمعنى واحد وهو معطوف على مقيدة أو موضحة، وترك كونها مؤكدة كنفخة واحدة لأنّ التاسيس أولى لا سيما إذا اشمل على نكتة. وقوله :( وتخصيص الإيمان إلخ ) إشارة إلى جواب سؤال تقديره لم اختص المدح بهذه دون غيرها مما تضمنه. وقوله :( إظهار ) أقحم لفظ الإظهار الحماء إلى أنها في الواقع كذلك، وأنّ في الوجه الأوّل إشارة إليه أيضا، وإنما الفرق بينهما بالقصد وعدمه، فلا يقال إنه يجوز جعل وجه التخصيص ما مرّ من كونها أمهات وأصولاً، مع أنه مناسب للاستتباع دون المدح كما لا يخفى وقيل إنّ في قوله مسوقة إشارة إلى أنه أقل من أخوبه، ولذا أخر. لأنّ لفظ السوق يشعر بأنه لا يفيده بنفسه ولذا غير الأسلوب. وأعلم أنّ من الناس من قال : إنّ كون الذين يؤمنون مادحاً إنما يحسن إذا حمل المتقين
على حقيقته دون المشارفة إذ ليس الإيمان، وما بعده حاصلاَ للضالين الصائرين للتقوى فجعل الصفة كاشفة إذا أريد بالتقوى ما في المرتبة الثانية، وجعلها مخصصة على الأولى وإذا جعلت مادحة فالمراد ما هو في المرتبة الثالثة. وقيل : إن كان المخاطب جاهلاَ بالمعنى فالصفة موضحة والاً فهي مادحة، وفيه ما فيه كما سيأتي قريبا فتدبر. قوله :( أو على أنه ماخ منصوب إلخ ) الجاز والمجرور معطوف على الجارّ والمجرور السابقين في قوله على أنه صفة مجرورة وجعل المصنف رحمه اللّه المنصوب والمرفوع موصولاً بما قبله كالمجروو، لأنهما تابعان له معنى وصفة له بحسب الأصل، وان خرجا صورة ولفظا، ولذأ سماه النحاة قطعا بخلاف المستأنف، ووجه دلالته على ما قصد به في الاتباع، والقطع من المدح ونحوه أنه صفة حميدة علم ثبوتها فيفهم عها ذلئا، وقيل : إنّ هذا علم من تغييو الإعراب لأنّ تغيير المألوف يدل على زيادة ترغيب في استماعه ومزيدى اهتمام لشأنه لا سيما مع التؤام حذف الغععل، أو إ أحبتدأ ولا يخفى أنّ دلالة الإعواب المقدّو على ذلك غير ظاهرة مع أنها مادحة على الاتباع أيضا كما صرحت به أيضاً متون العربية، وفي قوله هم الذين تسامع لأن المقدر هم فقط*قوله :) وإمّا مفصول إلخ ) معطوف على قوله موصولى، وإنما انفصك لأنه قصد الإخبار عنه بما بعده لا إثباته
لما قبله وان فهم ذلك ضمنا فهو، وان لم يجر عليه كالجاري ويكفي هذا في ارتباط الكلام سواء كان الاستئناف نحوياً أو بيانياً، فيكون جواباً عن سؤال تقديره ما بال المتقين خصوا بذلك الهدى، فلا يتوهم ضعف هذا الوجه لعدم الارتباط فيه كما نقل عن أبي حيان، ولا إنّ الظاهر على هذا إنّ بينهما كمال الانفصال، وتقدير السؤال يقتضي الاتصال وكونه كالجاري عليه لا ينافي كون الوقف تاماً كما ستسمعه قريبا، وقال قدس سرّه : حاصل ما قرّره من الاحتمالات أنّ المتقي إن حمل على المعنى الشرعي، فإن كان خطاباً لمن عرف مفهومه مفصلاَ كانت الصفة مادحة، والاً كاشفة وأن حمل على مجتنب المعاصي كانت مخصصة، ولما كان الاستئناف أرجح لم يكن في الترجيح بين هذه الأقسام