ج١ص٢١٣
وهذا لا يخرجه عن النفاق كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ وإذا ختوا إلى شياطينهم قالوا إتا معكم إنما نحن مستهزؤن ﴾ [ البقرة : ١٤ ] وهو لا يرد هنا. قوله :( ومن أخل بالإقرار إلخ ) أي من أخل بالإقرار عامداً معانداً متمكنا منه، وقد تقدم أنّ إشارة الأخرس المفهمة إقرار والمراد بقوله كافر أنه كافر مجاهر بكفره بخلاف المنافق لإخفائه للكفر، وما قيل : من أنّ في هذا نظر لما قاله الإمام من أنّ من عرف اللّه بالدليل ولم يجد من الوقت ما يتلفظ فيه بكلمة الشهادة هل يحكم بإيمانه وكذا لو وجد من الوقت ما أمكنه التلفظ به فيه، فعن الغزالي فيهما : أنه مؤمن والامتناع من النطق يجري مجرى المعاصي التي مع الإيمان والأحاديث الصحيحة شاهدة له كحديث " يدخل الجنة من في قلبه خردلة من للمان " والذي يعتذر له أنّ المراد بالإخلال هو أن يقصد به الجحود والعناد مدفوع بأنه الراجح عند الأشاعرة، فإنّ الراجح عندهم إنّ الإيمان مجرّد التصديق، والقول الآخر أنه التصديق مع الإقرار، وهو الراجح عندنا معاشر الحنفية الماتريدية إلا أنّ الشفي رحمه الله قال في العمدة على ما نقله ابن الهمام في المسايرة إنّ الإيمان هو التصديق، فمن صدق الرسول صلى الله عليه وسلّم فيما جاء به فهو مؤمن بينه وبين اللّه تعالى والإقرار شرط الأحكام وهو بعينه القول المختار عند الأشاعرة، والمراد بالأحكام أحكام الدنيا من الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ونحو ذلك قال ابن الهمام رحمه الله : واتفق القائلون بعدم اعتبار الإقرار على أنه يلزم أن يعتقد أنه متى طلب منه أتى به فإن طولب فلم يقرّ فهو كفر عناد اهـ فاعتراضه بما ذكر على الزمخشريّ وهو من الحنفية أو المعتزلة لا وجه له، وأمّا من أورده على المصنف فله ذلك فتأمل. قوله :( ومن أخل بالعمل ففاسق إلخ ) أي أنه مؤمن فاسق، وعند بعضهم كافر فاسق لأنّ الفسق يطلب على الكفر أيضا. قال تعالى :﴿ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [ النور : ٥٥ ] لأنه من فسق الرطب إذا خرج عن قشره وهو أعمّ من الكفر وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع، وأخل ببعض أحكامه والفرق بين مذهب الخوارج والمعتزلة أنه لا واسطة بين الكفر والإيمان عند الخوارج، وبينهما واسطة عند المعتزلة إذ شرط الإيمان، أو شطره ترك الكبائر أو الذنوب مطلقاً عندهم، وما قيل : من أنه يفهم من كلام المصنف أنّ المخل بالعمل وحده مؤمن فاسق وليس بكافر عند جمهور المحدّثين أيضاً فينا في ما قالوه من أنه مجموع الثلاثة ساقط لما مرّ. قوله :( والذي يدلّ على أنه التصديق إلخ ) أي مما يدل على
أنه وضع في الشرع لتصديق القلب دون عمل اللسان والجوارح، والإضافة في اصصلاج النحاة مشهورة، وكذا في اصطلاح غيرهم والمراد بها هنا معناها اللغوي، وهو في الأصل الإمالة وتطلق على تعلق خاص، وهو كونه صفة له وملابأ ملابسة تامّة، فإنه جعل في هذه الآيات مظروفا تارة، وأسند إليه أخرى فيكون من أحواله لا من أحوال الجوأرج، وهو لا يضاف إليها إلا بتأويل، وعطف العمل عليه يدل على التغاير، وكونه من قبيل حافظوأ على الضلوات والصلاة إنوسطى خلاف الظاص يائماه كثرته، وكذا تخصيصه بالنوأفل بناء على خروجي، وقرنه بالمعاصي وأس دن على الطاعة لم يقرن بضدها وهذا وإن دلّ على خروج ألأعمال دون الإقرار كاف في ردّ القول؟ نه مجموع الثلاثة وفيه تظر، واسنشهاده بآية ﴿ لَمْ يَلْبِسُواْ ﴾ إلخ لأن اللبس لا يقتضي وفعه بك مخالطته وهو مبني على ما يقتضيه ظاهرها من أنه مطلق القلم الشامل لجميع المعاصي حتى الشرك فإن خصص بالشرك كما سيأتي في تفسيرها، فإن صت أشرك عنادا سمي تصديقه إيماناً، وان لم يعتبر شرعا لعدم شرطه، فلا يرد على المصنف وحمه الله أنه لا يصح إيراد هذه الآية هنا لأنّ الظلم فيها بمعنى الشرك ثم إنه أورد على المصنف أنه تبع فيما ذكر الإمام، وهو مخالف لمذهبه فإنه صح عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وقد تقدم ما يدفعه، والمراد بالكتابة في الآية إثباته، والإقرار والعمل غير مثبت فيها وقد قيل : إنّ كؤ واحمي من هذه الأدلة، وان كان محلاً للمناقشة، لكن بالمجموع تحصل الطمأنينة والاستدلال بآية، وان طائفتان لأنه سماهم مؤمنين مع عصب ن أحد الفريقين. قوله :( فع ما فيه من قلّة التغيير إلخ ( هذا ما وقع في بعض النسخ، ومعناه أنه في اللغة مطلق التصديق، وعلى هذا هو تصديق خاص